وعلى هذا فيمكن أن يكون شرط دفع مبلغ من المال على المقاول عند تخلفه بصياغاته الثلاثة المتقدمة عن السيد الشهيد صحيحاً، والفرق بين شرط الفعل وشرط النتيجة هو الوجوب التكليفي على المشروط عليه في أن يملك، أما في شرط النتيجة فيكون المشروط عليه ضامناً للشرط وضعاً ويترتب عليه الحكم التكليفي بوجوب الدفع.
البحث الثاني: صحة خطاب الضمان الذي يصدره البنك عند طلب المقاول لصالح المستفيد:
ويمكن أن نصحح خطاب الضمان الذي يصدره البنك بطلب من المقاول لصالح المستفيد:
على أساس الضمان بالمعنى المتقدم، حيث قلنا: إن المراد بالضمان ليس هو المعنى الاصطلاحي عند أهل السنة أو الإمامية، بل هو ما تعارف عند العرف من ضمان أن يفي المقاول بالشرط، وبعبارة أخرى هو التعهد بأداء المقاول الشرط، وهذا الضمان كالضمان (١) المعروف من قبول البنك للكمبيالة بمعنى تحمل البنك مسؤولية أمام المستفيد من تلك الكمبيالة، وهو كما حرر ضمان جائز شرعاً على أساس أنه (تعهد بوفاء المدين بدينه) . ونتيجة هذا التعهد من الناحية الشرعية هو فيما إذا تخلف المدين عن الوفاء، فيمكن أن يرجع المستفيد من الكمبيالة على البنك لقبض قيمتها.
وتوضيح ذلك من الناحية الفنية: أن يقال: إن البنك تعهد تعهداً إنشائيًّا وجعل نفسه مسؤولاً (بأداء المقاول للشرط عند تخلفه عن التزاماته) وهذا التعهد نافذ بحسب ارتكاز العقلاء، وحينئذ يكون ممضى من قبل الشارع.
وقد تقرب هذه المسؤولية من قبل البنك بمسؤولية الغاصب عن العين المغصوبة حيث تكون العين بعهدته ومسؤولاً عنها ما دامت موجودة، فإذا تلفت العين المغصوبة تتحول هذه العهدة إلى اشتغال ذمة الغاصب بقيمة العين المغصوبة، فما نحن فيه أيضاً كذلك حيث إن البنك جعل نفسه مسؤولاً عن أداء الشرط الذي على المقاول عند تخلفه عن التزاماته من عملية الإرساء عليه، ومعنى هذا أن البنك مسؤول عن تسليم الشرط بوصفه فعلاً له مالية، فإذا تلف أداء الشرط على المشترط عند تخلف المقاول عن التزاماته وعن أداء الشرط بسبب امتناع المقاول عن أداء ما شرط عليه نتيجة تخلفه، فقد تلف الفعل الذي له مالية على مستحقه، وعندها تتحول عهدة البنك الجعلية إلى اشتغال ذمة البنك بقيمة ذلك الفعل (أداء الشرط) ، لأن اشتغال الذمة بقيمة المال "سواء كان عيناً أو فعلاً" عند تلفه من اللوازم العقلانية لدخول ذلك المال في العهدة.
(١) يوجد فرق غير فارق بين ضمان البنك للكمبيالة وضمان البنك لخطاب الضمان وهو: أن المضمون في موارد قبول البنك للكمبيالة هو المدين، والمضمون في خطاب الضمان هو المشروط عليه (المقاول) وهذا فرق غير فارق إذ كما يصح للبنك أن يتعهد للدائن بأداء الدين كذلك يصح للبنك أن يتعهد للمشروط له بأداء الشرط، وهذا مقبول ارتكازاً عند العقلاء