للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن هنا بحثان نحتاج إلى أدلة شرعية عليهما:

البحث الأول: صحة الشرط على المقاول.

البحث الثاني: صحة تعهد البنك (خطاب الضمان) .

البحث الأول: صحة الشرط بدفع مبلغ من المال عند تخلفه عن التزاماته:

وقد ذكر السيد الشهيد الصدر أن صحة الشرط المتقدم على المقاول يتصور صياغته بأحد أنحاء ثلاثة، يكون الصحيح منها شرعاً هو الثاني والثالث.

الأول: أن يكون (الشرط) بنحو شرط النتيجة بحيث تشترط الجهة الخاصة على المقاول أن تكون مالكة لكذا مقداراً في ذمته إذا تخلف عن تعهداته.

الثاني: أن يكون بنحو شرط الفعل، والفعل المشترط هو أن تملك الجهة الخاصة كذا مقداراً، لا أن تكون مالكة.

الثالث: أن يكون بنحو شرط الفعل، والفعل المشترط هو أن يملك المقاول تلك الجهة كذا مقداراً. والفرق بين هذا النحو وسابقه مع أن الشرط في كل منهما شرط الفعل: هو أن الشرط في هذا النحو فعل خاص وهو تمليك المقاول مالاً للجهة الخاصة، وأما في النحو السابق فالمشترط وإن كان هو عملية التمليك أيضاً ولكن المراد بها جامع التمليك القابل للانطباق على تمليك نفس المقاول وعلى تمليك غيره ... وإذا اتضحت هذه الأنحاء الثلاثة للشرط، فنقول: إن النحو الأول (أي شرط النتيجة) غير صحيح في المقام، لأن النتيجة المشترطة في المقام وهي اشتغال ذمة المقاول بكذا درهماً ابتداءً ليس في نفسه من المضامين المعاملية المشروعة، وأدلة نفوذ الشرط ليست مشرعة لأصل المضمون، وإنما هي متكفلة لبيان صلاحية الشرط لأن تنشأ به المضامين المشروعة في نفسها ... وأما النحوان الآخران من الشرط فهما معقولان. (١)

ولكن لا يبعد أن يقال: بأن قاعدة " المسلمون عند شروطهم " حيث إنها تشمل الشرط إذا كان فعلاً أو كان الفعل مترتباً على الشرط، كما إذا اشتريت بيتاً بشرط أن تكون الثلاجة المعينة ملكاً لي والملكية لها أسباب مختلفة منها الاشتراط فالمسلمون عند شروطهم يقول: ادفع الثلاجة إلى فلان، وهو معنى صحة شرط النتيجة، وعلى هذا فالمسلمون عند شروطهم يشمل المشروط الذي يكون حصوله وإنشاؤه بغير الشرط صحيحاً وبالشرط لازماً. كما يمكن أن يكون الاستدلال على صحة شرط النتيجة بـ" أوفوا بالعقود" حيث إن البيع الذي شرط فيه ملكية الثلاجة المعينة معناه الالتزام بأصل المعاملة ولالتزام بالأمر الوضعي، وبما أن الشرط قد دخل تحت عنوان العقد، فأوفوا بالعقود يقول بالعقد والشرط، فيكون الشرط صحيحاً. (٢)


(١) البنك اللاربوي في الإسلام/ للشهيد السيد الصدر/ ص ٢٣٦، ٢٣٧
(٢) لا بأس بالإشارة إلى أن شرط النتيجة الذي يحكم بصحته، هو خصوص تحصيل الغاية التي لا يشترط في إيجادها سبب خاص كالنكاح والطلاق الذي اشترط الشارع فيهما صيغة خاصة. أما هذه الغايات التي اشترط الشارع فيها صيغة خاصة فلا يمكن أن تحصل في الخارج إلا بصيغتها الخاصة ولا ينفع في تحققها شرط النتيجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>