للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- روى ثقة الإسلام الكليني (١) في باب (لا تبع ما ليس عندك) عن ابن عمير عن يحيى بن الحجاج عن خالد بن الحجاج قال: قلت للصادق عليه السلام: "الرجل بجيئني ويقول: اشتر هذا الثوب وأربحك كذا وكذا، فقال عليه السلام: أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك؟ قلت: بلى، قال عليه السلام: لا بأس، إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام". (٢)

فكأن الإمام الصادق عليه السلام لا يرى بأساً بالمواعدة والمقاولة ما لم يوجب بيع المتاع قبل أن يشتريه من صاحبه، وإنما المانع إذا باع الثوب ثم اشتراه من صاحبه، ودفعه إلى المشتري، فإن هذا باطل. أقول: وإذا ناقشنا بكون طائفة الروايات الأولى ضعيفة وطائفة الروايات الثانية غير ظاهرة في المفروض (٣) لاحتمال كونها في من أراد الحصول على المال بدون محذور الربا وهو ما يسمى (بيع العينة) فإن كان البيع الثاني مشروطاً في الأول فهو باطل، ولا ربط لها في من باع ثم ملك، فتأتي روايات الطائفة الثالثة.

الطائفة الثالثة: وهي روايات تصحح البيع بعد أن يشتري المتاع، سواء كان كليًّا أو شخصيًّا منها:

١- صحيحة محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام: "سألته عن رجل أتاه رجل فقال له: ابتع لي متاعاً لعلي أشتريه منك بنقد أو نسيئة، فابتاعه الرجل من أجله، قال عليه السلام: ليس به بأس، إنما يشتريه منه بعدما يملكه" (٤)

٢- صحيحة منصور بن حازم عن الإمام الصادق عليه السلام: "في رجل أمر رجلاً يشتري له متاعاً، فيشتريه منه قال عليه السلام: لا بأس بذلك، إنما البيع بعدما يشتريه". (٥)

وهاتان الروايتان تقضيان بأن الجواز بعد أن يشتري الشيء وبعدما يملكه، أما بيع الشيء قبل تملكه فهو باطل. ولكن لا بد من تخصيصهما بصورة العين الخارجية، وذلك: لورود الروايات الصحيحة الدالة على صحة بيع الكلي كما سيأتي.

بيع الكلي (بيع ما في الذمة) : وهو يتصور على قسمين:

١- بيع السلم.

٢- بيع الكلي.

أما الأول: بيع السلم: فهو عبارة عن ابتياع مال مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو ما في حكمه) (٦) والدليل على صحته بالإضافة إلى عمومات صحة البيع والتجارة عن تراض هو:

١- ما رواه زرارة في الصحيح عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان إذا وصفت أسنانها. (٧)

٢- صحيحة الحلبي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان وجذعان وغير ذلك إلى أجل مسمى قال: لا بأس. (٨)

٣- موثقة سماعة قال: "سئل الإمام الصادق عليه السلام عن السلم في الحيوان؟ فقال: أسنان معلومة وأسنان معدودة إلى أجل مسمى لا بأس به". (٩)


(١) روى هذه الرواية الشيخ الطوسي في باب (النقد والنسيئة) ولعل الذي جعله يرويها في هذا الباب هو احتمال أن الحديث بصدد بيان تحصيل الإنسان مالاً بدون محذور الربا وهو ما يسمى بـ (بيع العينة) وحينئذ فإن لم يكن البيع الثاني مشروطاً في البيع الأول فلا بأس به.
(٢) المصدر نفسه/ باب ٨ من أحكام العقود/ح٤
(٣) هذا الاحتمال غير وارد في الصحيحة الأولى؛ لأنه يقول: "اشتر لي هذا الثوب أو هذه الدابة وأنا أربحك فيها كذا وكذا" فوجود كلمة (لي) تبعد الاحتمال المذكور وهي ظاهرة في إرادة أن يشتري له ملك الغير.
(٤) وسائل الشيعة/ ج١٢/ باب ٨ من أحكام العقد/ ح٨.
(٥) المصدر والباب نفسه/ ح٦.
(٦) جواهر الكلام/ ج٢٤/ ص ٢٦٧.
(٧) وسائل الشيعة / ج١٣/ باب ١ من السلف/ ح٣.
(٨) وسائل الشيعة / ج١٣/ باب ١ من السلف/ ح٤
(٩) وسائل الشيعة / ج١٣/ باب ١ من السلف/ح٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>