للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه صرح بعض الفقهاء (١) بعدم شمول النهي في الدخول على سوم الأخ المسلم الدلالة التي يتعارف وجودها في المزايدات والمناقصات حيث إنها موضوعة عرفاً لطلب الزيادة أو النقيصة، فما دام الدلال يطلب الزيادة أو النقيصة لا يكون هناك سوم أو ركون حتى يأتي النهي عن الدخول في سوم الأخ المسلم.

ويمكن توجيه عدم التنافي بشكل آخر وهو أن يقال: إن حديث النهي عن الدخول في السوم ناظر إلى المعاملة الخاصة الجارية بين طرفين خاصين ولا يشمل مثل بيع المناقصة التي تكون المعاملة فيه مبنية من الأول على عدم السوم مع شخص واحد بل مع جماعة.

٣ - الدخول في المناقصة لمن لا يمتلك السلعة أهو من المواعدة أو الاستصناع أم بيع ما ليس عند الإنسان؟

لا بد لنا من التفرقة بين الاستصناع أو السلم وبين بيع ما ليس عند الإنسان الذي روي فيه النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم لنرى أن ما نحن فيه (بيع المناقصة) من أي القسمين. ثم لا بد من التفرقة بين ما نحن فيه وبين المواعدة التي تحصل بين اثنين على أمر من بيع أو عمل.

بيع ما ليس عندك:

إن الروايات الواردة في بيع ما ليس عندك على طوائف:

الطائفة الأولى: روايات حاكية لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك فقد روى سليمان بن صالح عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع وعن بيعتين في بيع وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن. (٢)

وهذه الروايات مطلقة لبيع ما ليس عند الإنسان سواء كان بيعاً كليًّا أو شخصيًّا.

ولكن يتعين علينا رفع اليد عن الإطلاق وحمله على صورة كون المبيع شخصيًّا، وذلك لورود الروايات المعتبرة الدالة على جوز بيع الكلي على العهدة مع عدم ملك الشخص حال البيع كما سيأتي.

ويتعين علينا أيضاً رفع اليد عن إطلاق بطلان بيع ما ليس عنده بالإضافة إلى مالك المال، لما ورد من الأدلة الدالة على صحة بيع الفضولي بإجازة المالك، وهذا واضح.

فالخلاصة: أن النهي المتقدم هو في (خصوص المبيع الشخصي لغير المالك) ، وهذا النهي يدل على عدم حصول النقل والانتقال شرعاً (أي فساد البيع باعتبار اشتراط الملك في البيع الشخصي إذا باعه لغير المالك) .

الطائفة الثانية: روايات تصحح البيع بعد أن يشتري العين الخارجية وتبطله إذا باعها قبل الشراء، منها:

١- صحيحة يحيى بن الحجاج قال: سألت الإمام الصادق عليه السلام عن رجل قال لي: "اشتر لي هذا الثوب أو هذه الدابة، وبِعْنِيهَا، أربحك فيها كذا وكذا، قال: لا بأس اشترها ولا توجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها" (٣) والاستيجاب عام لمطلق التملك ولو بغير الشراء، بينما الشراء خاص لخصوص التملك بالشراء.


(١) الشهيد الأول/ الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية /ج٣/٢٩٦.
(٢) وسائل الشيعة/ ج١٢/ باب ٧ من أحكام العقود/ح٢، وكذا ح د.
(٣) المصدر نفسه/ باب ٨ من أحكام العقود /ح١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>