للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخالفهم في ذلك الحنفية والثوري والأوزاعي الذين قالوا بعدم السلم إلا فيما هو موجود في الأسواق من وقت العقد إلى محل الأجل دون انقطاع.

واستدل الحنفية على ذلك بأن الأجل يبطل بموت المسلم إليه، ويجب أخذ المسلم فيه من تركته، فاشترط لذلك دوام وجود المسلم فيه لتدوم القدرة على تسليمه؛ إذ لو لم يشترط هذا الشرط، ومات المسلم إليه قبل أن يحل الأجل فربما يتعذر تسليم المسلم فيه، فيؤول ذلك إلى الغرر. (١)

وقد أجاب ابن قدامة على حجة الحنفية هذه بقوله: (ولا نسلم أن الدين يحل بالموت، وإن سلمنا فلا يلزم أن يشترط ذلك الوجود، إذ لو لزم لأفضى إلى أن تكون آجال السلم مجهولة، والمحل ما جعله العاقدان محلا، وههنا لم يجعلاه) . (٢) وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي: (ولأن كل وقت لم يجعل وقتا لقبض المسلم فيه لم يكن وجوده شرطا في صحة العقد، أصله ما بعد المحل؛ ولأنه يضبط بالصفة ويوجد عند المحل، فجاز السلم فيه) . (٣)


(١) ابن الهمام، فتح القدير، مرجع سابق ٦/٢١٣؛ ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٢٦؛ ابن النجيم، البحر الرائق، مرجع سابق ٦/١٧٢؛ الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢١١؛ ابن عابدين، رد المحتار، مصدر سابق ٤/٢٠٦.
(٢) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٢٦؛ وانظر ابن رشد، المقدمات الممهدات، مرجع سابق ص ٥١٣.
(٣) القاضي عبد الوهاب، الإشراف على مسائل الخلاف، مرجع سابق ١/٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>