للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثاني: أن يكون معلوما.

٣٠- لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط لصحة السلم أن يكون المسلم فيه معلوم مُبَيَّنًا بما يرفع الجهالة عنه ويسد الأبواب إلى المنازعة بين العاقدين عند تسليمه؛ وذلك لأنه بدل في عقد معاوضة مالية، فاشترط فيه أن يكون معلوما كما هو الشأن في سائر عقود المبادلات المالية.

ولما كان السلم فيه ثابتا في الذمة غير مشخص بذاته اشترط الفقهاء أن ينص في عقد السلم على جنس المسلم فيه، بأن يبين أنه حنطة أو شعير أو تمر أو زيت ... ونوعه إن كان الجنس الواحد أكثر من نوع، بأن يبين أن الرز مثلا من النوع الأمريكي أو الاسترالي أو البشاوري ونحو ذلك. فإن كان للجنس نوع واحد فقط، فلا يشترط ذكر النوع. (١)

كما اشترطوا بيان قدره لقوله (صلى الله عليه وسلم) : ((من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم)) . وبيان القدر يتحقق بكل وسيلة ترفع الجهالة عن المقدار الواجب تسليمه، وتضبط الكمية الثابتة في الذمة بصورة لا تدع مجالا للمنازعة عند الوفاء. (٢)

٣١- ويستنتج من نصوص الفقهاء التي بينت طرق التقدير الأربعة (الكيل والوزن والذرع والعدّ في كل شيء بحسبه) وهي الوسائل العرفية المعلومة في عصورهم أن معلومية المقدار في أيامنا الحاضرة يمكن أن تكون بأية وحدة من الوحدات القياسية العرفية المحدودة الشائعة.. وذلك مثل التحديد بالمتر أو بالقدم أو بالميل في الطول، وبالغرام أو بالأونصة أو الباوند في الوزن، وبالليتر أو الجالون في الحجم ونحو ذلك.

وفي هذا المقام نصّ الفقهاء على وجوب كون أداة التقدير العرفية معلومة العيار، وإلا فسد السلم لجهالة قدر المسلم فيه وإفضاء ذلك إلى الخصومة والمنازعة. (٣)


(١) الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢٠٧؛ البهوتي، شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق ٢/٢١٦.
(٢) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣١٨؛ الرملي، نهاية المحتاج، مرجع سابق ٤/١٩٠؛ البهوتي، شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق ٢/٢١٨.
(٣) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣١٨؛ الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢٠٧؛ الرملي، نهاية المحتاج، مرجع سابق ٤/١٩٣؛ البهوتي، شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق ٢/٢١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>