للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: أرجو أن يذكر في القرار الصور التي ذكرها فضيلة الشيخ الصديق حيث في الحقيقة ذكر صورا بل هي بدائل جيدة يستفاد منها من الناحية العملية..

هذا ما أردت أن أذكره. وشكرا، والسلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بيع العربون وقد تفضل فضيلة الشيخ الصديق الضرير مشكورا بتحليل كل جوانبه وبتحليل آراء من يرجح جوازه ومن يرجح منعه، بل الذي وصلت إلى الاقتناع به هو أنه لا يمكن أن يعتمد لا على حديث الإجازة ولا على حديث المنع وكلاهما لم يصل إلى درجة يحصل معها الاطمئنان إلى الاستناد إلى هذا الحديث أو إلى الحديث الآخر. وهنا لا بد أن يعود المؤمن لا إلى قاعدة واحدة من القواعد ولكن إلى أن ينظر إلى مجموعة التشريع الإسلامي ليطمئن على المنهج الذي يتخذه لبيان حكم الله. فالاعتماد فقط على قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] هكذا على عمومه هو أضعف ما يستند إليه، نظرا إلى أن هذا العموم قد وقع تخصيصه بمخصصات لا حد لها. فإذا رجعنا إلى النصوص الشرعية في هذه القضية فإنا نجد بجانب قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون عند شروطهم)) نجد أيضا الآية الناهية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] والباطل هو أخذ المال بغير حق وبغير وجه. فإن شأن الإنسان ألا يأخذ المال إما تبرعا وإما لأنه قد لحقه نقص يأخذ بمقدار ما نقصه، فأنا أبيع السلعة وأقبض الثمن فمعنى ذلك أنه ما لحقني من فوات السلعة من يدي آخذ بدله ثمنا، وكذلك إذا تعدى أحد على أحد في ماله فإنه يأخذ تعويضا عما ذهب من ماله، ويكون التعويض بالقيمة الحقيقية لا أكثر من ذلك.

في قضية بيع العربون فسد البيع الأول، قد يتضرر البائع لأنه لا يحصل على نفس الثمن، وفوت عليه المشتري وقد يربح وقد يبيع بنفس الثمن ونعلم أن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – لما أجريت عليه اليمين فأبى من اليمين وقد باع العبد بثمانمائة درهم وقد باعه على البراءة فطلب منه عثمان أن يحلف وأن يقسم بأنه لا يعرف به عيبا فامتنع من ذلك ثم باعه بألف وخمسمئة، فهنا نجد أن البيع الثاني ليس ضروريا أن يكون أقل من قيمة البيع الأول فقد يكون مساويا وقد يكون أكثر. ولهذا لا وجه إلى جعل وضع حالة من الحالات وهي حالة الخسارة هي الحالة العامة فيكون فيها ظلم المشتري. فنحن لا نظلم المشتري ولا نظلم البائع ولكن الحل الأعدل الذي ذكره فضيلة الدكتور الضرير هو الحل الذي يتناسب في نظري مع القواعد الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>