المسألة الثالثة: هل يجوز العربون في الخدمات كما في السلع؟. العربون لا يجوز في جميع العقود عند من يمنعه في البيع وهم الأئمة الثلاثة. وعندنا دليل نقل عن بعض الفقهاء؛ أما في مذهب الحنابلة المجوزين لبيع العربون فقد قال محشي المقنع: وحكم الإجارة كالبيع _ أنا لم أجد في المغني نصا في هذا الموضوع لكن هذا في المحشي _ ذكره في الوجيز والفروع ولم يذكر ابن قدامة الإجارة؛ وقال بعدما أورد رأي المانعين لبيع العربون: وهذا هو القياس وإنما صار فيه أحمد إلى ما روي عن نافع بن عبد الحارث ... إلخ. ولهذا قلت إني أرى قصر جواز العربون في مذهب الحنابلة حتى عند من يجيزه على ما نص عليه فقهاؤهم ولا يتوسع فيه وهو البيع والإجارة فقط.
في هذه المسألة الدكتور الزحيلي يقول: يجوز في جميع الخدمات إجارة وغيرها، وكذلك الدكتور عبد الله يقول: يجوز، ولكن لاحظت عليه أنه قال يجوز واستشهد بكلام المالكية فهذا لا يستقيم، أما الدكتور رفيق فيقول بالجواز وتوسع في هذا الموضوع كثيرا وتطرق للكلام عن الأجير الخاص والأجير العام وفرق بين الاثنين، وسأقرأ لكم العبارة الأخيرة لأن فيها زيادة شرط اشترطه الدكتور رفيق لجواز العربون: " يمكن أن تلحق بالعربون في البيع والإجارة فهي جائزة. ويلحظ فيها أن نكول أحد الطرفين يسبب ضررا للآخر فإذا لم يتصور ضرر في بعض الصور كان العربون غير جائز لأنه يصبح أكلا للمال بالباطل؛ رجع فقال: _ احتج بما حاول أن يرد به عن المانعين لأنه يصبح أكلا للمال بالباطل _ وفقا للفقهاء الذين لم يجيزوا العربون.
المسألة الرابعة: هل يجوز العربون عند شراء الأوراق المالية كالأسهم؟. الجواب قصير على هذا، لا يجوز – على رأي الجمهور – العربون في شراء الأوراق المالية كالأسهم لأنها لا تخرج عن كونها بيعا وبيع العربون لا يجوز عندهم، والدليل على رأي الحنابلة إذا كانت الأوراق مما يجوز شراؤه، لا توجد خصوصية لها إلا أنها في بعض الحالات قد لا تجوز.
وفي هذه المسألة قال الزحيلي: يجوز، والشيخ عبد الله قال أيضا: يجوز والدكتور رفيق وسع بعض الشيء وقيد فقال بالجواز في الحالات التي يجوز فيها شراء الأسهم وعدد تلك الحالات، ولعل الذين قالوا بالجواز يقصدون هذا أيضا.