للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصور الأخرى والتى لا داعي لذكرها، فلقد أطال الكلام فيها، تكلم عن هذه الصور وتكلم عن البيوع الشرطية الآجلة التي أشرت إليها، وتكلم عن التعزير المالى وعن الشرط الجزائي في عدد من الصفحات. يقول في آخر الكلام عن الشرط الجزائي: والعربون الذي يدفعه المشتري للبائع أو للمستأجر في المؤجر قد يكون شرطا جزائيا يتفق عليه الطرفان تعويضا ممن يأبى المضي في إبرام العقد. فهو مصر على أن بيع العربون يثبت للطرفين، واشتراطه لجميع أقساط الدين إذا تأخر المدين في دفع قسط منها هو أيضا شرط جزاء والواقع أنه ما فيه ... ثم أخذ يتكلم عن التفرقة بين العربون والشرط الجزائي في أكثر من صفحتين، وانتهى إلى عنوان جواز العربون والشرط الجزائي. يقول: إن إجازة الشرط الجزائي تقتضي إجازة العربون نظرا للتشابه الكبير بينهما لا سيما في القوانين التي تجيز الشرط الجزائي بدون أي حق للتقاضي في تعديل مبلغه بالزيادة أو النقصان أو الإلغاء، لكن يتناسب المبلغ مع مقدار الضرر الفعلي، ومما سبق إثباته من فروق بين العربون والشرط الجزائي لا يستحق تفريقا في الحكم الشرعي بينهما وإني أختار جوازهما بلا تفريق، وفي المبحث الثاني سأبين أسباب جواز العربون وهو ما قرأته لكم من قبل.

النقطة التي بعد هذا وإن كانت نقطة جانبية لكنها مهمة وهي العربون في قوانين البلاد العربية، وهذه جزئية تعرضت إليها أيضا وتعرض إليها – أيضا – الدكتور رفيق المصري وإن كان بأقل مما ذكرته. تنص المادة (١٣٠) من القانون المدني المصري على ما يأتي:

١ – دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه إلا إذا اقتضى الاتفاق غير ذلك، فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر. هذا هو رأي القانون المصري، فاعتبر دفع العربون في حالة عدم الا تفاق، لاحظوا أنه هنا لا يوجد اتفاق، أعتبره دليلا على ثبوت حق العربون لكل من المتعاقدين ويترتب عليه ما ذكرناه. وتبع القانون المصري عدد من قوانين البلاد العربية، وخالفه في هذا القانون العراقي، أخذ بالعكس. القانون العراقي يقول:

" يعتبر دفع العربون دليلا على أن العقد أصبح باتا لا يجوز العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك – عكس ما ذكره القانون المصري – فإذا اتفق المتعاقدان على أن العربون جزاء للعدول عن العقد كان لكل منهما حق العدول، فإن عدل من دفع العربون وجب عليه تركه، وإن عدل من قبضه رده مضاعفا " النتيجة واحدة كل ما هنالك القانون العراقي يرى أن العربون في حالة عدم الاتفاق يكون جزءا من الثمن، ودفعه دليل على أن العقد أصبح باتا لا خيار فيه القانون المصري يقول: لا، (العكس) .

الفرق بين القانون المصري والقانون العراقي هو أن القانون المصري يجعل دفع العربون في حالة عدم الاتفاق دليلا على أن لكل من المتعاقدين حق العدول، أما القانون العراقي يجعل دفع العربون في حالة عدم الاتفاق دليلا على أن العقد أصبح باتا لا يجوز العدول عته إلا باتفاق بين الطرفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>