للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- والصبا موجب لإيكال حضانة الصبي وتربيته إلى النساء الأولى فالأولى على قدر حنوهن عليه، فتقدم الأمهات، ثم الجدات، ثم الخالات، ثم العمات، ثم الأخوات.

- والصبا قاض بحفظ مال الصبي، فيوضع تحت يد وليه أو حاجره الذي يعينه القاضي.

- والصبا أسقط عن الصبي أن يتوجه إليه التكليف – كما قلنا – بالمأمورات أو المنهيات، وحينئذ لم يترتب عليه عقاب أو قصاص وعد عمده خطأ، وأسقط عنه قضاء العبادة إن أراد القيام بها وفاتته، ولا فدية ولا جزاء عليه في الحج، ولا يدخل – مثل المجنون- في قسامة ولا عاقلة، وقال أبو حنيفة بعدم حرمانه من الميراث إذا قتل مورثه، ولا يحرم عليه ما يحرم على البالغ من نظر إلى أجنبية أو خلوة بها، قال تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] ولا تسقط الزكاة عن الصبي في ماله، لأنها واجبة في ذات المال دون اعتبار لصاحبه، ويتولى وليه إخراجها عنه.

والجنون قسمه العلماء إلى قسمين: مطبق (وهو الممتد المستغرق للوقت كله) وعارض أو طارئ (لا يستغرق الوقت كله) .

ولا خلاف بين العلماء أن المجنون جنونًا مطبقًا هو مثل الصبي مرفوع عنه التكليف فليست له استطاعة وليست له أهلية التصرف، ويمكن أن تكون له أموال وتجب فيها الزكاة يخرجها عنه وليه، ويرث ويورث، وليس عليه عقوبات بدنية مهما كان سببها وعليه غرم ما أتلف في ماله إن كان له مال أو في مال وليه.

أما المجنون جنونًا طارئا متقطعًا فهو في حكم النائم والمغمى عليه لجامع وجود العذر العارض فقط، والعذر العارض لا ينفي تكليف ووجوب الفعل أو الترك. ويؤدي ما عليه من واجب أداءً إن خلا من العذر، أو قضاء إن فاته وقت الأداء لحديث: ((من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها)) (١) وحديث ((رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق)) (٢) .

فالقائل بالقضاء على من به جنون عارض غير مستمر، حين يفيق، يقيسه على النائم وعلى الناسي في الحديث الأول.

كما يرى أن الحديث الثانى قد حدد رفع القلم بالاستفاقة، فإذا أفاق نزل القلم وعاد التكليف والمطالبة، وحيث هو معذور في إخراج العبادة عن وقتها لفقد الاستطاعة فليؤدها متى أفاق وعادت الاستطاعة. ويرى بعضهم أنه لا يقضيها بناء على أصل القاعدة في التكليف، وهي تقول: وكل تكليف بشرط العقل، ولا عقل للمجنون، فكيف يقضي ما لم يجب عليه أصلا ويخفف عن كل المصابين بنقص مثل الشلل أو الصرع أو البله على قدر نقصهم، وبحسب ما يجدون من مشقة وعسر.


(١) حديث أنس رضي الله عنه رواه الخمسة بألفاظ متقاربة. انظر: التاج: أعذار الصلاة ١ /١٤٧ (التاج الجامع للأصول ط. دار التراث العربي – ١٣٨١ / ١٩٦١ بيروت)
(٢) أخرجه الإمام أحمد والنسائى وأبو داود والحاكم وصححه، انظر: التاج: الباب الثالث في شروط الصلاة: ١/ ١٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>