فالفرق بين الخطأ والنسيان قائم، والتداخل موجود بإطلاق المخطئ على الناسي أحيانًا.
والخطأ سواء كان في الفعل أو القصد معدود من أسباب الترخيص مثل: من قتل خطأ فلا قصاص عليه، وعليه الدية جبرًا للضرر، وعليه الكفارة جزاء للتقصير.
- ومن وطئ امرأة خطأ ظانا أنها زوجته فلا حد ولا إثم عليه.
- ومن شرب لبنا لم يعبأ بحموضته فأسكره فلا حد ولا إثم عليه.
- من أكل بعد الفجر خطأ في تقدير الوقت لا إثم عليه، ويقضي يومه عند الحنفية أيضا لأنه مقصر، وإذا أكل ناسيا فقد أطعمه الله وليس عليه قضاء عندهم.
ومما سلف يتبين أن الخطأ مسقط لإثم الاعتداء وللحد وهما حق لله تعالى ولا يسقط حق العباد، وما أتلف خطأ من أموالهم للقاعدة المعلومة: العمد والخطأ في أموال الناس سواء. فمن أحرق مال غيره خطأ أو أفسده، ضمن ما أتلف دون عقوبة ما لم يتهاون تهاونًا واضحًا ومثل حق العباد لا يسقط بالخطأ ما كان دائرا بين العبادة والعقوبة مثل الكفارات التي تترتب عليه ككفارة القتل الخطأ.
٧ - الجهل: هو عدم العلم عمن من شأنه العلم.
والجهل على قسمين بحسب شعور صاحبه.
أ – جهل بسيط: لا يشعر صاحبه بشيء يخالف ما هو عليه في الواقع.
ب- جهل مركب: يقارن صاحبه شعور بنقيض ما هو عليه في الواقع.
وينقسم الجهل البسيط – عند المالكية ومن تبعهم – إلى قسمين:
القسم الأول: جهل معفو عنه شرعًا وهو الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة.
المثال:
- جهل الإنسان بنجاسة الأطعمة والأشربة أو طهارتها، معفو عنه، وتحمل هذه الأشياء على الأصل، والأصل هو الطهارة.
- جهل الإنسان كذلك بحال ثوبه ومكانه وبدنه معفو عنه شرعًا ويحمل الأمر على الطهارة لأن الأصل في الأشياء الطهارة.
- من شرب نقيع فاكهة أو عصير ثمر على أنه طيب فتبين بعد شربه أنه تخمر، وهو يجهل ذلك، لا إثم عليه ولو أسكره.
- إذا حكم القاضي استنادًا إلى شهادة عدلين يجهل أنهما قد شهدا شهادة زور فلا إثم عليه.
- وكذلك لا إثم على من قتل مسلمًا في صفوف الكفار يظنه حربيًا.
وفروع هذا الباب كثيرة أفاض كل من القرافي والشاطبي في تعدادها.