الحق في الرخصة قد يكون لله تعالى وهو ما عناه الغزالي بقوله: ما يعصى بتركه، وقد يكون هذا الحق للعباد، وسماه الغزالي ما لا يعصى بتركه (١) .
أ – مثال ما يعصى بتركه لأن الحق فيه لله تعالى:
- أكل الميتة لمن خشي الهلاك.
- الإفطار لمن لم يعد يقوى على الصيام.
- شرب الخمر لدفع صائر به إلى هلاك.
ب- مثال ما لايعصى بتركه لأن الحق فيه للعياد.
الإفطار وقصر الصلاة للمسافر.
ونضع تساؤلاً في هذا المجال وهو: كيف يسمى ما يجب الإتيان به رخصة؟ كأكل الميتة لمن أصابته مخمصة مهلكة، أو جرعة الخمر لمسوغ غصة؛ مع أنه يجري مجرى العزيمة في كونه يرجع إلى أصل كلي وهو حفظ النفس؟
والجواب: أنه سمي رخصة باعتبار الفسحة والإذن – ولو مع التحتيم في فعل ما كان محظورًا من أجل حفظ النفس. أو باعتبار الترخيص للعذر وقدر الحاجة مع بقاء سبب المنع قائمًا، إذ حرمة أكل الميتة وشرب الخمر قائمة لم تنسخ في الأحوال العادية.
- التقسيم الثالث: باعتبار حكم الأخذ بالرخصة:
ينتقل المكلف – عند قيام العذر – من حكم العزيمة إلى حكم الرخصة. وحكم العزيمة المنتقل عنه إما الوجوب وإما الحرمة ولا يكون سوى ذلك، إذ لا ترخص في المندوب ولا في المكروه وأحرى المباح. فالمترخص ينتقل من فعل واجب كصيام رمضان إلى خلافه وهو ترك الصيام، ويكون هذا الترك بحسب المشقة أو المضرة التي تلحقه من الفعل أي من الصيام، فالمريض الذي يخشى عليه الهلاك من الصيام أو زيادة المرض يفطر وجوبًا فيكون قد انتقل من واجب الفعل إلى واجب الترك، وقد يكون لصيامه حكم آخر إذا لم يخش الهلاك أو زيادة المرض.
(١) انظر المستصفى: ١ /٦٣. (مصطفى محمد – ط أولى مصر، ١٣٥٦ هـ / ١٩٣٧م