إذا شئنا طرح البحث في مجال إنساني منطقي عام يمكن أن يكون مقبولًا من قبل كل إنسان ذي فكر سليم، وجب أن نلتزم بمقياس إنساني عام مقبول لدى الجميع.
وإذا فتشنا عن هذا المقياس العام الذي يجب التحاكم إليه في كل أمر أريد معرفة منطقيته وإنسانيته فسوف لن نجد لأول وهلة ـ وبغض النظر عن كل نزعة أو ميل فكري ـ إلا الوجدان الأخلاقي في الإنسان، وهوجانب فطري أصيل لا يختلف في روحه، ولا يختفي اختفاء تامًا عن حياة الإنسان , وإن أمكن أن نتصور طغيان بعض الشبهات وتغير تطبيقاته فحتى الذين أنكروا الفطرة وأنكروا في ضمنها الوجدان لم يستتطيعوا أن يتخلصوا ـ عفويًّا ـ من أحكامه. وإلا فما معنى أن نتصور ادعاء الإنسانية والتكامل في نظرية لا تؤمن بالفطرة وهذا يعني أنها لا تؤمن بوجود سبيل فطري وإمكانات أصيلة هيئ لها الإنسان، ومن حقه أن يسير نحوها ومع عدم وجوده لا معنى لأن يكون هذا المبدأ إنسانيًّا دون ذاك، ولا معنى لسير هذا نحو التكامل دون ذلك.
فنفس التصاق المبادئ بالإنسانية والكمال له تأثير وجداني عميق.
وعليه فإن الوجدان الإنساني سوف يكون هو الحاكم الأصيل بمنطقية المبدأ وإنسانيته أو عدمها.