للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشوء الحكومة:

ولا يهمنا إلا التعرض باختصار لبعض الآراء في نشوء الحكومة، فقد ذهب "بودان" الفرنسي إلى أن أصل الحكومة هو التكوين الأسري وذهب "فريزر" إلى أن أصل تشكيل الحكومة هو الدين الذي جمع العائلات ووضع القانون. ويرى "أوبنهمير" الألماني أن أصلها هو القوة. في حين ذهب بعض الفلاسفة إلى الأصل الفطري لتشكل الحكومة باعتباره نتيجة حتمية للتجمع وهو أمر فطري، وهم من مثل (أرسطو والفارابي وابن خلدون) أو تعتبر الحكومة فطرية باعتبار نشوئها على أساس نزعة سياسية في الإنسان تدعو للسيطرة على الآخرين.

وهناك نظرية العقد الاجتماعي التي تدعي نشوء الحكومة على أساس اتفاق اجتماعي للدخول تحت قانون وحكومة.

وأخيرًا لا بد وأن نشير إلى النظرية الماركسية القائلة بنشوء الحكومة على أساس التناقض الطبقي حيث تقوم الطبقة الغالبة بإنشاء القدرة السياسية التي تحمي مصالحها الاقتصادية.

وقد ادعت الماركسية أن تفسيرها هنا كباقي تفسيراتها يقوم على أساس من بحوث حولت التاريخ إلى علم بعد أن كان ضربًا من التخيل والمصادفة.

ولكن الواقع أن الماركسيين لا يستطيعون ـ كما لا يستطيع غيرهم ممن فسروا نشوء الدولة وغيرها على أساس من العامل الواحد ـ أن يقيموا دليلًا علميًّا قاطعًا ينفون به كل الاحتمالات الأخرى ما عدا احتمالًا واحدًا وذلك لاختلاف التجارب الطبيعية التي يقوم بها العلماء الفيزيائيون , فيثبتون بها انحسار العامل في شيء معين، عن التجارب الاجتماعية التاريخية التي هي أكبر من عمر الفرد حتمًا، فلا بد أن يعتمد فيها على الأخبار والحدس وربما الفرض المحض أحيانًا.

وللتفصيل في هذا المجال يراجع الكتاب القيم (اقتصادنا) ص ٥٨ ـ ٦٧.

وعليه فلا نستطيع أن نجزم بعامل معين لنشوء الحكومة وبالتالي مجموع عناصر الدولة وربما اجتمعت عوامل في ذلك. وإذا كانت قد نشأت على أساس عامل واحد أول الأمر فلا يعني ذلك أنه العامل الوحيد لنشوء الحكومات بعد ذلك، والذي ترتبط به الحكومة وجودًا وعدمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>