٦ ـ القرآن دستور يحوي بعض الإجمال ولا يمكن التفصيل فيه:
ويقصد بهذا أن يقال: إن القرآن لو أراد أن يبين كل جوانب الحقيقة ويعين المصاديق الصحيحة وينفي الباطل منها لكان ذلك يستدعي مجلدات ضخمة ولم يكن من الممكن إنزاله على ذلك النمط.
ويتضح هذا عند ملاحظة قصر فترة حياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وانشغاله بالمشاكل الهائلة، وعدم قدرة المسلمين على استيعاب تلك المجلدات الضخمة، وحفظها من الضياع وأمثاله.
ولهذا يشير الزرقاني ـ بنوع من الإجمال ـ فيقول:
"ثانيتها: تيسير حفظ القرآن والمحافظة عليه؛ لأن كل ما احتواه من تلك الوجوه المستلزمة للخفاء دال على معانٍ كثيرة زائدة على ما يستفاد من أصل الكلام لو عبر عن هذه المعاني الثانوية الكثيرة بألفاظ، لخرج القرآن في مجلدات واسعة ضخمة، يتعذر معها حفظه والمحافظة عليه:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}(١) .
٧ ـ التعبير العام الذي لا ينفر المذاهب عنه:
ويقول الفخرالرازي في تقريب هذا الوجه إنه "لو كان آي القرآن كله محكمًا بالكلية، لما كان مطابقًا إلا لمذهب واحد، وكان بصريحه مبطلًا لجميع المذاهب المخالفة وذلك منفر لأرباب المذاهب الأخرى عن النظر فيه، أما وجود المتشابه والمحكم فيطمع فيه كل مذهب أن يجد فيه كل ما يؤيد مذهبه، فيضطر إلى النظر فيه، وقد يتخلص المبطل من باطله إذا أمعن فيه النظر فيصل إلى الحق".
(١) المناهل: ٢/ ١٨١؛ والآية في سورة الكهف: الآية ١٠٩