للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابع: التمتع بالخصائص القرآنية الإعلامية: وهذه الخصائص واسعة الأبعاد قد لا يمكن الإحاطة بها إلا لدراسة تحقيقية عميقة، ومن هنا فإننا نكتفي بالإشارة للبعض منها بما يتناسب وحجم هذا الحديث، وما نذكره منها يتلخص فيما يلي:

أولًا ـ استحضار النظرة الغيبية إلى جانب الحسابات المادية، وذلك في كل تحليل أو توقع مستقبلي والابتعاد عن النظرة المادية الحسابية الجافة فإن التصورات القرآنية المعطاة تؤكد أن المسيرة المنسجمة مع العدل تنسجم معها القوى الطبيعية القائمة في خلقتها على الأساس نفسه، في حين لا يتوفر الانسجام المطلوب مع الانحراف، وهو ما يلخصه المقطعان القرآنيان الكريمان:

{فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} (١) .

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (٢) .

وكذلك كل النظرات الإسلامية في التاريخ والحياة والإنسان، ومن ذلك ما قلناه من الترابط بين أجزاء التركيبة الإنسانية.

ثانيًا ـ الموضوعية: والاتصاف بروح التبعية للحقيقة ـ أيًّا كانت ـ وحتى لو خالفت مصلحة شخصية، أو استدعت التضحية الغالية، ويبالغ القرآن في تحقيق الروح الموضوعية، وعدم النظر إلى الواقع الموضوعي من خلال رؤية مسبقة إلى الحد الذي يدعو فيه الخصم إلى افتراض نقطة الصفر في الحوار، وعدم الإيمان بشيء والانطلاق منها إلى الحقيقة الموضوعية فيقول مخاطبًا الكفار: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (٣) .

ثالثًا ـ الهدفية في كل خطوة: ذلك أن الهدفية لا تتنافى مطلقًا مع الموضوعية في التصور الإسلامي؛ لأن المؤمن مطمئن تمام الاطمئنان أن الحقيقة الموضوعية ـ مهما كانت ـ تشكل آية من آيات الله تعالى وهدى إليه سبحانه.

وإذا انعكست الهدفية على حياة الداعية العامل، صرف النظر عن كل أنماط اللهو السخيف، والتضييع الوقتي فيما لا طائل تحته، وبالتالي لا تجد في نماذجنا الإعلامية ما يهدر هذا الوقت الثمين.

إن الهدفية القرآنية نلحظها في كل قصة، وفي كل مثل، وفي كل عبارة، ففي كل موضوع عبرة، ومع كل حديث اعتبار، وكل شيء يعبر عن مادة للدراسة وخدمة الهدف من خلالها: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (٤)

ويكفي أن نتابع آية قصة قرآنية لنكتشف الهدفية التي تتجلى أروع تجل.


(١) سورة الفجر: الآيتان ١٢ ـ ١٣
(٢) سورة نوح: الآيات ١٠ ـ ١٢
(٣) سورة سورة سبأ: الآية ٢٤
(٤) سورة يوسف: ١١١

<<  <  ج: ص:  >  >>