وقد جاء في كتاب (الكافي) للمرحوم الكليني عن الصادق (ع) قوله:
((قال أمير المؤمنين (ع) : بعثني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى اليمن، فقال: "يا علي لا تقاتلن أحدًا حتى تدعوه إلى الإسلام، وأيم الله لئن يهدي الله ـ عز وجل ـ على يديك رجلًا خير لك مما طعلت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي)) [وسائل الشيعة: ١١/ ٣٠]
إنه أسلوب القرآن قبل كل شيء، الذي علمه الله لموسى وهارون (ع) : {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٣ ـ ٤٤] .
إنها الدعوة ـ حتى عند مواجهة الطواغيت ـ عسى أن يهتدوا إلى الحق.
وها نحن نجد الرسول العظيم يكرر عبارة: ((أدعوك بدعاية الإسلام)) في رسالته إلى كسرى أنوشيروان، وقيصر إمبراطور الروم، تطبيقًا لهذا التعليم الإسلامي السامي.
وهكذا راح الدعاة يبثون الدعوة إلى الأقطار. وقد ذكرت أسماء بعض الدعاة الأوائل الذين أرسلوا لتحقيق واجب الدعوة إلى الله، ومنهم:
عبد الله بن حذافة السهمي ـ مبعوث الرسول إلى إيران.
حاطب بن أبي بلتعة ـ مبعوث الرسول إلى مصر لدعوة المقوقس.
دحية الكلبي ـ مبعوث الرسول إلى روما.
عمرو بن أمية ـ مبعوث الرسول إلى اليمامة.
عمرو بن العاص ـ معبوث الرسول إلى عمان.
حرملة بن زيد ـ مع وفد معه إلى مدينة (أيلة) الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
المهاجر بن أبي أمية ـ مبعوث الرسول إلى ملوك حمير.
خالد بن الوليد ـ مبعوث الرسول إلى همدان (مدينة قرب بحر عمان) .
علي بن أبي طالب (ع) ـ مبعوثه الثاني إلى هذه المدينة.
حذيفة بن اليمان ـ مبعوث الإسلام إلى الهند.
عبد الله بن عوسجة ـ مبعوث الرسول إلى قبيلة حارثة بن قريظ.
جرير بن عبد الله البجلي ـ مبعوث الرسول إلى قبائل ذي الكلاع الحميري.
وغيرهم ممن حمل مهمة الدعوة إلى الشعوب.
وإذا أردنا أن نجد التطبيقيات السياسية لهذا الأصل في التعامل الدولي، أمكننا أن نلحظها في بعثات الإيضاح المرسلة من هنا إلى هناك، وفي أساليب توضيح الحقيقية عبر الوسائل السماعية والبصرية، وفي مذكرات الإيضاح الموجهة، والمذكرات التفسيرية المقدمة إلى المؤتمرات الدولية.
ومما تميز به العلاقات الدولية الإسلامية: أنها تنظر لعملية التوعية والإيضاح ـ كرسالة إلهية ومبدأ ضروري ـ يجب الالتزام به قبل القيام بأية خطوة عكسرية أو سياسية أو غيرها تجاه الدول الأخرى.
أما ما نجده من السياسة الماكرة القائمة ـ بالفعل ـ فهو اعتماد هذه السياسة التوضيحية ـ باعتبارها مناورة سياسية ـ فإذا لزم الأمر، قلبت الحقائق وتغيرت الموازين.