الهدف الرئيس ـ بكل اختصار ـ هو تعبيد الأرض لله تعالى، وإيجاد المجتمع المؤمن العابد المحقق لخلافة الله في الأرض، وإذا وجد مثل هذا المجتمع، فإنه سيكون الأمة الوسط التي تطمح الأمم للوصول إلى مستواها، والأمة الشاهدة على البشرية جمعاء، باعتبار ما لها من علو حضاري، نفسي ومادي، وحينئذ سيكون الدين كله لله، ويتحقق هدف الخلقة الإنسانية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] .
ويجب أن تصب كل التشريعات والسلوكيات والأقوال والأفعال وتتسمر كل الأحداق بهذا الهدف الكبير الكبير، وتسترخص الغوالي لتحقيقه، إنه عظيم ترخص في قباله دماء الأنبياء والطاهرين، وجهود الصالحين عبر التاريخ.
إلا أن هناك أهدافًا مرحلية (تنتهي إلى ذلك الهدف الكبير) يعمل الإعلام القرآني على الوصول إليها بشتى الوسائل الممكنة فما هي؟
نستطيع أن نذكر أهم هذه الأهداف المرحلية في النقاط التالية:
الأولى: ترشيد إنسانية الإنسان: ذلك أن للإنسانية خصائص ومعالم إذا رشدت ونميت ضمنت للإنسان مسيرة متوازنة، أما إذا تلاشت من على سطح الوجود الإنساني، فحينئذ يكون الفسق على السبيل القويم، وحينئذ تكون المسيرة المكبة على وجهها، وعندئذ يتوقع الإجرام كله، وهذه المعالم باختصار هي:(التعقل السليم، والإرادة الحرة، والخلقية الفطرية، والدوافع المنضبطة) وإذا لم نكن هنا بصدد عرض البرنامج الإسلامي، الواسع الأبعاد لترشيد هذه الجوانب فإن من الطبيعي الإشارة إلى بعض مكوناته حينما نتحدث عن الأساليب الإعلامية.
الثانية: التوعية بالإسلام عقيدة ومفاهيم وتشريعًا، باعتباره السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك الهدف الكبير، وكلما تعمق وعي الأفراد لهذه الرسالة، وطروحاتها وخططها وحلولها للمشاكل الإنسانية، واتضحت معالم الفرق بينها وبين المبادئ الوضعية وبانت خصائصها الرئيسية، استطاع المجتمع المسلم أن يخطو على طريق الهدف الكبير خطًى أسرع وأثبت في نفس الوقت.
الثالثة: التوعية بكل ما يحيط بالأمة من أحداث وظواهر ومؤامرات وتفاعلات لها كلها أثرها على تعيين المواقف المبدئية والمتحركة.
الرابعة: إيجاد الأرضية الصالحة لتطبيق الإسلام، في كل الأرض الإسلامية، وبالتالي في شتى أنحاء العالم، ويشمل هذا الجانب أمورًا نتحدث عنها في الأساليب التفصيلية.