للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعلام القرآني جوهر النهوض:

وإذا أردنا أن ننهض في مجال الإعلام المواجه والمربي في آن واحد، لم يكن لنا من سبيل إلا سبيل القرآن والدعوة القرآنية، إننا مسلمون قبل كل شيء، لنا تصوراتنا ونماذجنا الخاصة بنا، والمستقاة من خالق الكون العليم بما يصلحه، والقرآن هو نموذجنا الأسمى في شتى المجالات، فهو: (الكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع) وهو: (ناطق لا يعيى لسانه، وبيت لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه) وهو: (كتاب الله؛ تبصرون به وتنطقون به، وتسمعون به) ؛ فعلينا أن نعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي، فهو: (البحر الذي لا يدرك قعره) (١) .

إنه كتاب التوعية، والتوعية في الإسلام تسبق أية خطوة أخرى.

الإسلام دين التوعية والتربية.. وهو بمقتضى واقعيته وفطريته يقرر لزوم القيام بتوعية أي إنسان يراد له أن ينضم إلى معسكره، وأي مجتمع يراد للإسلام أن ينفذ إلى عمقه.. إنه يعرض جوهرته الثمينة، لأنه يعلم أن قيمتها ستنكشف بكل وضوح للجميع.. ولذا فهو يرفض أي تقليد في العقيدة، ويدعو للبحث والبرهنة: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} .

وهو يرفض أي عملية إكراه عقائدي {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .

كما يريد من الأمة أن تكون من أولي الأيدي والأبصار، قوية في بصرها وبصيرتها.. وفي مجال التعامل مع الآخرين يأمر بالدعوة البينة الواضحة قبل كل شيء يقول القرآن الكريم.

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥] .

{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [الشورى: ١٥] .

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣]

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] .

وفي هذا يقول آية الله السيد الصدر في كتابه (اقتصادنا) :

"والأمر الآخر: أن يبدأ الدعاة الإسلاميون ـ قبل كل شيء ـ بالإعلان عن رسالتهم الإسلامية، وإيضاح معالمها الرئيسية، معززة بالحجج والبراهين، حتى إذا تمت للإسلام حجته، ولم يبق للآخرين مجال للنقاش المنطقي السليم، وظلوا بالرغم من ذلك مصرين على رفض النور..، عند ذلك لا يوجد أمام الدعوة الإسلامية ـ بصفتها دعوة عالمية تتبنى المصالح الحقيقية للإنسانية ـ إلا أن تشق طرقها بالقوى المادية، بالجهاد المسلح" [١/ ٢٧٥] .


(١) نصوص متفرقة عن الإمام على (ع) ـ تلميذ القرآن وتلميذ الرسول المبعوث بالقرآن في: (نهج البلاغة)

<<  <  ج: ص:  >  >>