للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

ما يجوز فيه بيع الوفاء وما لا يجوز

القائلون بأن بيع الوفاء بيع جائز قالوا: لا يخلو المبيع من أن يكون عقارًا أو منقولًا.

فإذا كان عقارًا فلا يخلو من كونه لمكلف، أو صبي أو مجنون، فإذا كان لمكلف فالاتفاق على صحة عقده فيه.

وأما إذا كان لصبي فيقول العلامة بيرم الثاني: ذهب العلاء العلامة وغيره من أيمة سمرقند إلى القول بعدم صحته فيه لما فيه من تمليك الولي منافع عقار المولى عليه للمشتري بلا عوض لأن المال المدفوع ثمنًا لبيع الوفاء والذي انتفع به المولي عليه سيرد بتمامه إلى المشتري الوفائي عند استرداد المبيع وفسخ العقدة، فكأن انتفاع المشتري بغلته قبل فسخه تبرع من طرف الولي وهو لا يملك حق التبرع بمال مولاه.

وأجازه صاحب العدة في حالة اضطرار المولى عليه إلى ثمن المبيع وفاء كاحتياجه للنفقة على نفسه أو ماله بانهدام في عقاره تخشى الزيادة فيه إذا لم يسرع إلى ترميمه وهو عديم المال حالًّا وله مال مرجو الحصول مآلًا. وبالقول الثاني جرى العمل عندنا بشرطه من الضرورة إليه، وينبغي للوصي المبادرة إلى الفسخ ما وجد إليه سبيلًا، والمجنون مثل الصبي (١) .

هذا وأشكل على تعبير شيخ الإسلام مرة بالولي وأخرى بالوصي، والفرق بَيِّنٌ بينهما جلي وتعبير البزازية بالوصي ونصها: (اختلفت أيمة سمرقند في أن الوصي هل يملك بيع عقار الصبي وفاء، فأكثرهم على أنه لا يملك، وفتوى صاحب الهداية على أنه يملك) وكذلك ابن قاضي سماوة في جامع الفصولين للوصي بيع العقار بالوفاء وقيل لا. ولم أعثر فيما بين يدي من مصادر الفقه الحنفي على من أعطى هذا الحق لمجرد الولي وهو قل من كثر وغيض من فيض وليس هذا من باب الاعتراض على شيخ الإسلام وهو من هو في غزارة علمه وسعة اطلاعه على دقائق مذهبه فأني يدرك الضالع شأو الضليع، لكنه طرح الإشكال على من له سعة اطلاع تنور الأبصار، وترد المحتار (٢) .


(١) بيرم الثاني، الوفاء بمسائل بيع الوفاء: ص ١١ و١٢ ظهرًا، بتصرف.
(٢) راجع الفرق بين الولي وبين الوصي في رد المحتار.

<<  <  ج: ص:  >  >>