للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وبه نأخذ، وقال السيد الإمام الشهيد: لا نأخذ باستحسان مشايخ بلخ وإنما نأخذ بقول أصحابنا المتقدمين لأن التعامل في بلد لا يدل على الجواز ما لم يكن على الاستمرار من الصدر الأول فيكون ذلك دليلًا على تقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياهم على ذلك فيكون شرعًا منه، فإذا لم يكن كذلك لم يكن فعلهم حجة إلا إذا كان كذلك من الناس كافة في البلدان كلها فيكون إجماعًا والإجماع حجة. ألا ترى أنهم لو تعاملوا على بيع الخمر والربا لا يفتى بالحل (١) .

هذا ما تصورته أن يذكر من الخلاف داخل المذهب الحنفي في حكم بيع الوفاء وقد حاولت أن أذكر الدليل لكل قول من الأقوال الخمسة لكن لا يفوتني هنا أن أذكر أن مجلة الأحكام العدلية ذهبت على القول بأنه بيع مركب، لكن من ثلاثة أشياء: البيع الجائز، والبيع الفاسد، والرهن وهو قول من الأقوال التي لم أذكرها لأنه لا يختلف من حيث الآثار والنتائج عن القول بأنه بيع مركب من بيع جائز ورهن. ونص المجلة ما يلي: (المادة: ١١٨ بيع الوفاء هو بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد إليه المشتري المبيع، وهو في حكم البيع الجائز بالنظر إلى أن المشتري لا يقدر على بيع المبيع من الغير) (٢) . والقول الذي ذهبت إليه المجلة هو الذي قال عنه خاتمة المحققين في المذهب النعماني ابن عابدين: القول الجامع لبعض المحققين أنه فاسد في حق بعض الأحكام حتى ملك كل منهما الفسخ، صحيح في حق بعض الأحكام كحل الإنزال ومنافع المبيع، ورهن في حق البعض حتى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه وسقط الدين بهلاكه فهو مركب من العقود الثلاثة كالزرافة فيها صفة البعير والبقر والنمر) (٣) .

هذا ولا بدع في تركب هذا البيع فهناك أنماط من المعاملات مركبة كالهبة بشرط العوض، والهبة في حال المرض أعطي كل منهما حكم الهبة من اشتراط القبض، وعدم كونها في مشاع قابل للقسمة وأعطي للأولى حكم البيع عند القبض حتى تثبت فيها الشفعة والثانية حكم الوصية حتى كان خروجها من الثلث (٤) .

وبعد الإلمام بحكم بيع الوفاء عند السادة فقهاء الحنفية، وما ذكرته من الأقوال الستة فعلى أيها يصح أن يكون مخرجًا من الربا؟ وعلى أيها لا يصح؟

والجواب أن بيع الوفاء يكون مخرجًا من الربا على القول بأنه بيع جائز غير لازم أو على القولين بالتركيب لاشتراك القولين في حل الانتفاع به، وفسخه بطلب أحدهما وفائدته على القولين للبائع والمشتري واضحة، فهو صالح للبائع في التمكن من استرداد مبيعه، وصالح لصاحب المال في الانتفاع بالمبيع مدة غيبة ماله عنه.

وأما على القول بأنه رهن فهو إن حصل غرض الراهن لم يحصل غرض المرتهن والقول بأنه بيع فاسد كذلك.

وأما على القول بأنه بيع بات فهو إن حصل غرض المشتري لم يحصل غرض البائع (٥) .


(١) ٤/٢٤٩، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(٢) مجلة الأحكام العدلية: ص٦٧.
(٣) رد المحتار: ٤/٢٤٧.
(٤) بيرم الثاني: الوفاء بمسائل بيع الوفاء: ص٨ ظهرًا، بتصرف.
(٥) بيرم الثاني، الوفاء بمسائل بيع الوفاء: ص١٠ ظهرًا، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>