للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أ) مشروعيته:

٢١ – لقد ثبتت مشروعية توثيق الدين بالرهن بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.

أما الكتاب: فقوله تعالى في آية الدين: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (١) .

وقد فهم مجاهد من الآية أن الرهن لا يجوز إلا في السفر (٢) . وليس بسديد لأن ذكر السفر في الآية خرج مخرج الغالب، حيث إن فقد الكاتب والشاهدين والموثوق بهما يكون فيه غالبًا، ومذهب جماهير العلماء عدم صحة العمل بمفهوم المخالفة فيما يخرج مخرج الغالب من الألفاظ (٣) . ولأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه أشترى من يهودي طعام ورهنه درعه وكانا بالمدينة، فثبت جواز الرهن في الحضر بفعله صلى الله عيه وسلم، ولأن الرهن وثيقة بالدين، فإذا جازت في السفر جازت في الحضر كالضمان، من أجل ذلك ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الرهن في السفر والحضر، مع وجود الكاتب وعدمه (٤) .

وأما السنة: فما روى البخاري ومسلم وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعه " (٥) .وما روى البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الظهر يركب إذا كان مرهونًا، ولبنُ الدَّرِّ يُشربُ بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة)) (٦) .


(١) الآية ٢٨٣ من سورة البقرة.
(٢) المغني: ٤/٣٦٢؛ والمحلى: ٨/٧٨؛ وأحكام القرآن لإليكا الهراسي: ١/٣١٤؛ وأحكام القرآن لابن العربي: ١/٢٦٠.
(٣) انظرالبرهان، للزركشي: ٣/٣٩؛ والبرهان للجويني: ١/٤٧٧؛ وحاشية البناني: ١/٢٤٦؛ وإرشاد الفحول: ص ١٨٠؛ ومناهج العقول: ١/٣١٥؛ وشرح العضد: ٢/١٧٤؛ والأحكام الآمدي: ٣/١٠٠، والمسودة: ص٣٦٢.
(٤) المهذب: ١/٣١٢؛ وأحكام القرآن، لإلكيا الهراسي: ١/٤١٣؛ وأحكام القرآن للجصاص: ١/٥٢٣؛ والمغني: ٤/٣٦٢؛ وأحكام القرآن، لابن العربي: ١/٢٦٠؛ والأم، للشافعي: ٣/١٣٩؛ وكشاف القناع: ٣/١٠٧؛ والإشراف على مسائل خلاف: ٢/٢.
(٥) صحيح البخاري: ٣/١١٥؛ وصحيح مسلم: ٣/١٢٢٦؛ وسنن ابن ماجه: ٢/٨١٥.
(٦) صحيح البخاري: ٣/١١٦؛ وبذل المجهود: ١٥/٢٠٧؛ وعارضة الأحوذي: ٦/١٠؛ وسنن ابن ماجه: ٢/٨١٦؛ وسنن الدارقطني: ٣/٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>