للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

الرهن

٢٠– وهو (المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه) (١) .وبهذه الوثيقة يصير المرتهن أحق بالرهن من سائر الغرماء، فإذا كان على الراهن ديون أخرى لا تفي بها أمواله، وبيع الرهن لسداد ما عليه، كان للمرتهن أن يستوفي دينه من ثمنه أولًا، فإذا بقي شيء فهو لسائر الغرماء (٢) .

جاء في " كشف الأسرار " للبخاري (لا خلاف أن الرهن عقد وثيقة لجانب الاستيفاء، حتى لا يصح رهن ما لا يصح للاستيفاء كالخمر وأم الولد) (٣) . ثم نقل عن " الوسيط " أن حقيقة الرهن توثيق الدين بتعليقه بالعين، ليسلم المرتهن به عن مزاحمة الغرماء عند الإفلاس، ويتم ذلك بالقبض ليحفظ محل حقه ليوم حاجته، ويثبت للمرتهن في الحال استحقاق اليد على المرهون، وفي ثاني الحال استحقاق البيع في قضاء حقه إذا لم يوفه الراهن من مال آخر (٤) . ثم قال: (فإن قيل: ما معنى الوثيقة في هذه اليد، ومن أي وجه جعلت وثيقة؟ قلنا معنى الوثيقة في إثبات شيء زائد هو من الجنس الأصل، مع بقاء الأول على ما مكان، فإذا احتبس عنده حقيقة، يصير هذا الاحتباس وسيلة إلى النقد من محل آخر، وهذا هو المتعاهد فيما بين الناس أن ملك الإنسان متى صار محبوسًا عنه بدين يتسارع إلى فكاكه بإيفاء الدين) (٥) .

وسنتكلم في هذا الفصل عن مشروعية الرهن وحكمه وما يشترط لصحة التوثيق به.


(١) المغني: ٤/٣٦١، وانظر رد المحتار: ٥/٣٠٧؛ وشرح منتى الإرادات: ٢/٢٨٨؛ والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: ص ١٢١٧؛ وتعريفات الجرجاني: ص٦٠؛ والمصباح المنير: ١/٢٨٧؛ وم (٧٠١) من مجلة الأحكام العدلية وم (٩٧٥) من مرشد الحيران.
(٢) أحكام القرآن للجصاص: ١/٥٢٣؛ الولاية على المال والتعامل بالدين: ص١٠٤.
(٣) كشف الأسرار عن أصول البزدوي: ٣/٣٩٨.
(٤) كشف الأسرار عن أصول البزدوى: ٣/٣٩٨.
(٥) كشف الأسرار: ٣/٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>