للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) صور التوثيق بالكتابة:

لقد ذكر الفقهاء صورًا شتى لتوثيق الدين بالكتابة، وتلك الصور وإن كانت أمثلة على الأصل المعتبر والمبدأ المعتمد، وهو حجية الخط المجرد في توثيق الديون وإثباتها، إلا أنها تعتبر قواعد للتوثيق بالكتابة وضوابط تبين متى يكون الخط وثيقة صحيحة بالدين، ومتى لا يكون كذلك.. وبيانها فيما يلي:

الصور الأولي:

٩ – إذا أَمَرَ شخص آخر بأن يكتب إقراره، فيكون ذلك الأمر إقرارًا حكمًا ولا يخفى أن الأمر إنشاء، والإقرار إخبار، وليسا بمتحدين حقيقة، فمن أجل ذلك لم يسم أمره إقرارًا حقيقة، ولكنه لما كان الإقرار حاصلًا في أمره بكتابته سمي الأمر إقرارًا حكمًا (١) .

جاء في " الدر المختار " للحصكفي: " الأمر بكتابة الإقرار، إقرار، حكمًا، فإنه كما يكون باللسان يكون بالبنان، فلو قال للصكاك: اكتب خط إقراري بألف عَلَيَّ، أو اكتب بيع داري أو طلاق امرأتي صَحَّ " (٢) .

وبذلك أخذت " مجلة الأحكام العدلية " حيث جاء في م (١٦٠٧) منها: " أمر أحد بأن يكتب إقراره هو إقرار حكمًا، بناءً عليه: لو أَمَرَ أحد كاتبًا بقوله: اكتب لي سندًا يحتوي أني مدين لفلان بكذا دراهم، ووقع عليه بإمضائه أو ختمه يكون من قبيل الإقرار بالكتابة، كالسند الذي كتبه بخط يده ".

الصورة الثانية:

١٠ – إن قيود التجار – كالصراف والبياع والسمسار – التي تكون في دفاترهم المعتد بها، وتبين ما عليهم من ديون، تعتبر حجة عليهم ولو لم تكن في شكل صك أو سند رسمي، وذلك لأن العادة جرت أن التجار يكتب دينه ومطلوبه في دفتره صيانة له من النسيان، ولا يكتبه للهو واللعب، أما ما يكتب فيها من ديون لهم على الناس، فلا يعتبر وثيقة وحجة، ويحتاج في إثباتها إلى بيِّنة أخرى (٣) .

وبذلك أخذت " مجلة الأحكام العدلية " حيث جاء في م (١٦٠٨) منها: " القيود التي هي في دفاتر التجار المعتد بها هي من قبيل الإقرار بالكتابة أيضًا، مثلًا، لو قَيَّدَ أحد التجار في دفتره أنه مدين لفلان بمقدار كذا يكون قد أَقَرَّ بدين مقدار ذلك، ويكون معتبرًا ومرعيًّا كإقراره الشفاهي عند الحاجة ".


(١) قرة عيون الأخيار: ٢/٩٧؛ ودرر الحكام: ٤/١٣٨؛ والفتاوى الهندية: ٤/١٦٧.
(٢) رد المحتار على الدر المختار:٤/٤٥٥.
(٣) درر الحكام: ٤/١٣٨؛ وفتح العلي، المالك: ٢/٣١١؛ والأشباه والنظائر، لابن نجيم: ص٢١٨؛ ونشر العرب (المطبوعة ضمن رسائل ابن عابدين) : ٢/١٤٤؛ ومعين الحكام: ص١٢٦؛ وقرة عيون الأخبار: ١/٦٠؛ والفتاوى الهندية: ٤/١٦٧؛ وأصول المحاكمات، للدكتور محمد الزحيلي: ص١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>