للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر العلامة على حيدر في " درر الحكام " أن مسألة الاحتجاج بالكتابة في توثيق الدين تدور بين أصلين.

الأصل الأول: أنه لا يعتمد على الخط الذي فيه شائبة تزوير، ولا يتخذ ذلك الخط مدارًا للحكم عند المنازعة، لأنه يمكن تصنيع وتزوير الخط.

والأصل الثاني: أنه يعمل ويحتج بالخط البريء من شائبة التزوير والتصنيع، لأن أكثر معاملات الناس تحصل بلا شهود، فإن لم يعمل بالخط فإن ذلك يستلزم ضياع أموال الناس (١) .

وجاء في م (١٧٣٦) من " مجلة الأحكام العدلية ": " لا يعمل بالخط والخاتم فقط، أما إذا كان سالمًا من شبهة التزوير والتصنيع، فيكون معمولًا به، أي يكون مدارًا للحكم، ولا يحتاج للإثبات بوجه آخر ".

(ب) إنهم لم يعتبروا الخط المجرد بَيّنة إذا لم يشهد عليه، مع أن التزوير قد يكون في الشهادة كما يكون في الكتابة، وربما كان في الشهادة أكثر وقوعًا.. إذ الكشف عن المحاكاة والتزوير في الخط أيسر وأسهل من الكشف عنه في شهادة الزور، وطرق مضاهاة الخطوط التي عرفها الخبراء وأتقنوها ووسائل كشف تزوير الوثائق التي أصبحت علمًا مستقلًّا وفنًّا متقدمًا يمكنها أن تنفي احتمال التزوير عن الوثائق الصادقة وتفضح الخطوط المزورة.. والمطلوب للقاضي هو ظهور الحق ولو بغلبة الظن، فمتى وجد ذلك بطريق ما وجب عليه الحكم به، وكان حكمه نافذًا مقبولًا يقول ابن القيم: " قد بين سبحانه بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل بين عباده، وقيام الناس بالقسط، فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين وليست مخالفة له " (٢) .


(١) دور الحكام شرح مجلة الأحكام: ٤/١٣٧.
(٢) الطرق الحكمية: ص١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>