وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله تعالى عنهم، أو جهلوه؟ فقال: بل علموه.
فقال: هل دعوا الناس إليه، كما دعوتهم أنت، أو سكتوا؟ قال: بل سكتوا.
قال: فهلا وسعك ما وسعهم من السكوت! فسكت ابن أبي دواد، وأعجب الواثق كلامه، وأمر بإطلاق سبيله، وقام الواثق من مجلسه، وهو على ما حكى يقول: هلا وسعك ما وسعهم. يكرّر هذه الكلمة.
وكان ذلك من الأسباب في خمود الفتنة، وإن كان رفعها بالكلّية إنما كان على يد المتوكّل.
قال: -أعني ابن السبكي- وهذا الذي أردناه في هذه الحكاية هو ما ثبت من غير زيادة ولا نقصان، ومنهم من زاد فيها ما لا يثبت، فاحفظْ ما أثبتناه، ودعْ ما عداه، فليس عند ابن أبي دُواد من الجهل ما يصل به إلى أن يقول: جهلوه. وإنما نسبة هذا إليه تعصّب عليه، والحقّ وسط، فابن أبي دواد مبتدع، ضالّ مبطل لا محالة، ولا يستدعي أمره أن يدعي شيئًا ظهر له، وخفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، كما حكي عنه في هذه الحكاية، فهذا معاذ الله أن يقوله أو يظنّه أحدٌ يتزيّى بزيّ المسلمين، ولو فاه به ابن أبي دواد لفرق الواثق من ساعته بين رأسه وبدنه. قال: وشيخنا الذهبي، وإن كان في ترجمة ابن أبي دواد حكى الحكاية على الوجه الذي لا نرضاه، فقد أوردها في ترجمة الواثق من غير ما وجه على الوجه الثابت.
قال: وقد دامتْ هذه المحنة شطرًا من خلافة المأمون، واستوعبت خلافة المعتصم والواثق، وارتفعتْ في خلافة المتوكّل.