للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما مذهب أصحابنا ما ذكرنا.

وعن هذا قلنا: من نسي مسح رأسه فأخذ ماءً من لحيته ومسح رأسه لا يجوز [لأنه كما أخذه من لحيته فقد أخذ حكم الاستعمال، لأنه زايل العضو فحصل المسح بماء مستعمل] (١).

وفي «نظم الزندوبستي» (٢): أن عند مشايخ بخارى يصير الماء مستعملاً وإن كان في الهواء، حتى قالوا: لو أصاب ثوبه يتنجس (٣).

وفي «الفتاوى الظهيرية»: اتفق علماؤنا في أن الماء الذي نادت به القربة ما دام مترددًا في العضو لا يعطى له حكم الاستعمال، فإذا زايل العضو ولم يصل إلى الأرض ولا إلى موضع يستقر فيه بل هو في الهواء إذا نزل على عضو إنسان وجرى فيه لم يصر متوضيًا.

وقال أبو سهل الكبير وبه يقول أصحاب [العشرة] (٤) ببخارى: أن الماء لا يصير مستعملا ما لم يستقر في مكان من الأرض أو إناء.

(وَالْجُنُبُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ -رحِمَهُ الله- الرَّجُلُ بِحَالِهِ لِعَدَمِ الصَّبِّ)

-قوله: (والجنب إذا انغمس لطلب الدلو) أي: الجنب الذي ليس في بدنه نجاسة من المني وغيره فيه إشارة إلى أنه لو انغمس للاغتسال للصلاة يفسد الماء عند الكل، وهو شرط عنده أي في الماء الذي هو ليس بجارٍ ولا هو في حكم الجاري حتى أنه لا يشترطه في الماء الجاري والحياض الكبيرة، وقال أبو يوسف: العضو لا يطهر إلا بصب الماء عليه.

وروي عنه أن الثوب لا يطهر إلا بالصب أيضًا وهو قول الشافعي. فوجهه أن القياس يأبى التطهير بالغسل فإن الماء يتنجس بأول الملاقاة فلا يحصل به التطهير، وإنما حكمنا بالطهارة ضرورة أن الشرع كلفنا بالتطهير والتكليف يعتمد القدرة، وسمي الماء طهورًا وذلك يقتضي حصول الطهارة به والضرورة تندفع بطريق الصب فلا ضرورة إلى طريق آخر [فإن] (٥) الماء حالة الصب [الماء] (٦) بمنزلة ماءٍ جارٍ، وفي غير حالة الصب آكد، والماء الراكد أضعف من الماء الجاري.

ووجه الرواية التي فرق أبو يوسف: بين الثوب في البدن أن غسل الثياب بطريق الصب لا يتحقق إلا بكلفة ومشقة لأنها تغسلها النساء عادةً، وكل امرأة لا تجد خادمًا يصب الماء عليها ولا ماءً جاريًا، أما غسل البدن يتحقق بطريق الصب من غير كلفة.


(١) ساقط من النسختين والتثبيت من المحيط (١/ ١٢١).
(٢) سبق (ص ١٨٩) هامش ٢.
(٣) انظر: المحيط البرهاني (١/ ١٢١) الفصل الرابع: في المياه التي يجوز التوضؤ بها.
(٤) في (ب): «العشيرية».
(٥) في (ب): «مع ان».
(٦) «ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).