للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في كتاب الحسن: قال أبو حنيفة: إن غمس رَجُلٌ جنب أو غير متوضئ [يديه] (١) إلى المرفقين أو إحدى رجليه في ماءٍ في إجانة لم يجز أن يتوضأ منه؛ لأنه سقط فرضه عنه. وذكر أبو يوسف في «نوادر المعلى»: رجل في يده قذر فأخذ الماء بفمه [فصبه على يده فغسلها لم يطهرها لأنه قد صار الماء مستعملاً حين أخذ الماء بفمه] (٢) وهو جنب وعنده الماء المستعمل نجس.

وقال: في [صلاة الأثر] (٣) [يطهر] (٤) اليد إذا لم يرد به المضمضة وجاز به عن الوضوء.

-قوله: (لأن الاستعمال بانتقال نجاسة الآثام) والإثم قذر لقوله -عليه السلام-: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ من أصاب» (٥). لأنه شعبة من الكفر وهو أقوى النجاسات.

-قوله: (وأبو يوسف يقول: إسقاط الفرض مؤثر أيضًا) وذلك لأن تغير الماء عندهما لزوال [نجاسته] (٦)

حكمية إلى الماء وقد زالت في الحالين إلى الماء نجاسة حكمية من الوجه الذي بينا فأوجب ذلك فساد الماء كما لو تحول إلى الماء نجاسة حقيقية.

وعند محمد تغير الماء ليس من حيث أنه زال إلى الماء شيء لكن من حيث أنه أقام به القربة، فمتى صار مقيمًا للقربة تغير صفة الماء وإلا بقي طهورًا كما كان.

(وَمَتَى يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلاً. الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَمَا زَايَلَ الْعُضْوَ صَارَ مُسْتَعْمَلاً، لأنَّ سُقُوطَ حُكْمِ الاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الانْفِصَالِ لِلضَّرُورَةِ وَلا ضَرُورَةَ بَعْدَهُ)

-قوله: (ومتى يصير مستعملاً) هذا هو بيان وقت أخذه حكم الاستعمال.

-قوله: (كما زايل العضو) الكاف ها هنا للمفاجأة لا للتشبيه كما تقول: كما خرجت من البيت رأيت زيدًا. أي: فاجأت ساعة خروجي ساعة رؤية زيد، أي يصير الماء مستعملاً مفاجئًا وقت زواله عن العضو وقت الاستعمال من غير توقف إلى وقت الاستقرار في موضع كما هو زعم بعضهم، وذكر في «المحيط» أن الماء إنما يأخذ حكم الاستعمال إذا زايل البدن، [وفي الاجتماع في مكان] (٧) ليس بشرط هذا هو مذهب أصحابنا -رحمهم الله-. [وقال: ما ذكر] (٨) في «شرح الطحاوي»: أن الماء إنما يأخذ حكم الاستعمال إذا زايل البدن واستقر في مكان فذاك قول سفيان الثوري (٩) وإبراهيم النخعي -رحمه الله- وبعض مشايخ بلخ، وهو اختيار الطحاوي -رحمه الله- وبه كان يفتي ظهير الدين المرغيناني -رحمه الله (١٠).


(١) في (ب): «بدنه».
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): «صلاته».
(٤) في (أ): «طهر» والتصويب من (ب).
(٥) رواه مالك في الموطأ (٥/ ٣٥٠) عن زذد بن أسلم مرسلاً، وانظر التمهيد لابن عبد البر (٥/ ٣٢١).
(٦) في (أ): «نجاسته» والتصويب من (ب).
(٧) في المحيط (١/ ١٢١): «والاجتماع في المكان».
(٨) في المحيط (١/ ١٢١): «وما ذكر».
(٩) هو أبو عبد الله، سفيان بن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب الثوري الكوفي، ثقة، حافظ، فقيه، عابد، حجة، أحد الأئمة المجتهدين، مات بالبصرة سنة: (١٦١ هـ) تقريب التهذيب (١/ ٣١١) برقم (٣١٢)، مشاهير علماء الأمصار ص (١٧٠) برقم (١٣٤٩)، وفيات الأعيان (٢/ ٣٨٦) برقم (٢٦٦).
(١٠) سبق في (ص ٢٣٠).