للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من قال لا يباح له الإفطار بعذر الضّيافة لما روي عن رسول الله -عليه السلام- أنّه قال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطراً فليأكل وإن كان صائمًا فليصلّ يعني فليدع له بالبركة والخير» (١)، والأوّل أصحّ والحديث الثّاني محمول على أنّه لا يفطر لشهوة نفسه.

قوله: -رحمه الله- وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَهْرِ هُوَ الصَّحِيحُ (٢)؛ أي أخذ رواية المنتقى (٣) في حق كمال المهر دفعًا للضّرر عنها هو الصّحيح.

وأمّا في حق جواز الإفطار فالصحيح غير رواية المنتقى وهو أنّه لا يباح الإفطار من غير عذر فكان هذا فائدة تقييده بقوله وهذا القول في المهر.

وأمّا قوله: هو الصّحيح فاحتراز عن رواية شاذة عن أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وهي أن صوم التطوّع يمنع صحّة الخلوة لأنه يمنعه عن الوطئ شرعًا لما فيه من إبطال العمل كذا في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٤) لِقَاضِي خَانْ أنّ المستحق عليها التّسليم في حق المستحق لأنّ هذا عجز لا يرجى زواله وكان المعقود عليه في حقه منفعة المساس وقد سلمت ذلك من غير مانع ولهذا لو جاءت بولد يثبت النّسب منه كذا ذكره الإمام قاضي خان.

ولكن ذكر الإمام التمرتاشي-رحمهما الله- بثبوت النسب على التّفصيل فقال وقالوا إن علم أنّه ينزل يثبت وإن علم بخلافه فلا وعليها العدّة في جميع هذه المسائل أي سواء كانت [الخلوه] (٥) صحيحة أو فاسدة.

وذكر في جامع الصّغير (٦) لِقَاضِي خَانْ والتمرتاشي-رحمهما الله- إلا إذا أفسدت الخلوة بالعجز عن الجماع حقيقة.

فحينئذ لا تجب العدة.

وذكر في الذّخيرة (٧) الأحكام التي تقوم الخلوة مقام الجماع في حقها وما لا يقوم فقال:

وأمّا الأحكام التي أقاموا الخلوة فيها مقام الوطئ تأكّد جميع المسمّى إن كان في العقد تسمية وتأكّد مهر المثل إن لم يكن في العقد تسمية وثبوت النّسب ووجوب العدّة ووجوب النّفقة والسّكنى في هذه العدّة وحرمة نكاح أختها مادامت العدّة قائمة وحرمة نكاح أربعة سواها وحرمة نكاح الأمة عليها على قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- في حرمة نكاح الأمة على الحرّة في العدّة عن طلاق بائن ومراعاة وقت وقوع الطّلاق في حقّها.


(١) رواه مسلم كتاب النكاح باب الأمر باجابة الداعي إلى الدعوة الدعوة (٢/ ١٠٥٤) برقم (١٤٣١) وغيره.
(٢) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٩٤).
(٣) قال حاجي خليفة: (ذكره: رضي الدين في (المحيط)، ولا يوجد (المنتقى) في هذه الأعصار).
يُنْظَر: كشق الظنون (٢/ ١٢٨٢).
(٤) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٨٦).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٧٨).
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ١١١).