للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أن البائع إذا خلّى بين المبيع وبين المشتري أو الآجر إذا خلى بين المستأجر والمستأجر يتأكد البدل وإن لم يوجد القبض حقيقة والمعنى فيه أنّه لو وقفنا تقرّر البدل على استيفاء المبدل حقيقة فمن عليه البدل يمتنع عن الاستيفاء قاصدًا الإضرار والضّرر مرفوع شرعًا.

قوله: -رحمه الله- وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَرَضِهَا (١)، وفي الذّخيرة (٢).

والحاصل أنّ المرض في جانبها متنوع بلا خلاف وأمّا المرض في جانبه فقد قيل أنّه متنوع أيضاً وقيل أنّه غير متنوع وأنّه يمنع صحّة الخلوة على كل حال وجميع أنواعه في ذلك على السّواء.

قال الصّدر الشّهيد -رحمه الله- (٣) هو الصّحيح وإن كان أحدهما صائمًا تطوعًا فلها المهر كله.

فإن قلت: ينبغي أن لا يلزم كلّ المهر لأنّه يلزمه القضاء على تقدير الإفساد فلا تكون الخلوة صحيحة كما في قضاء رمضان.

قلت: لزوم القضاء في التطوع عندنا لضرورة صيانة المؤدّى عن البطلان والثّابت بالضّرورة يتقدّر بقدر الضّرورة فيظهر ذلك في حقّ الصّائم ثم خاصّة بالقضاء فلا يعدو إلى غيره حتّى تفسد الخلوة.

بخلاف صوم [قضاء] (٤) رمضان فإنّه فرض مطلقاً فكان أثره عاماً.

وفي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٥) لِقَاضِي خَانْ وإن كان صائمًا عن التطوّع فلها كلّ المهر؛ لأنّ له الإفطار بعذر الضّيافة وإدخال السّرور على أخيه هكذا روي عن مُحَمَّد -رحمه الله- وهو موافق لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ رجلاً أضاف رسول الله -عليه السلام- مع أصحابه وكان فيهم رجل صائم وقال له رسول الله -عليه السلام-: «أحب أخاك واقض يومًا مكانه» (٦) فعلى هذا قالوا له أن يفطر لأجل المرأة.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٤٩٣).
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٣٦٠).
(٣) الصّدر الشّهيد: هو عمر بن عبدالْعَزِيز بن عمر بن مازة حسام الدين، الملقب بالصدر الشَّهِيد: من أكابر الحنفية، من أهل خراسان، وهو أستاذ صاحب "المحيط". ومن مصنفاته: "الْمَبْسُوطِ" في الخلافيات، ولد سنة (٤٨٣ هـ)، ومات بسمرقند سنة (٥٣٦ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٣٧٦)، تاج التراجم (١/ ٢١٧ - ٢٢٠)، الأعلام (٥/ ٥١).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٨٦).
(٦) رواه أبي داود الطياليسي (٣/ ٦٥٥) رقم الحديث (٢٣١٧) السنن الكبرى للبيهقي (٤/ ٢٢٦) (٨٣١١/ ٨٣١٣) ومسند الشاميين (٢٤٠٣) حسن لغيره، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ؛ لِضَعْفِ مُحَمَّد ابْنِ أَبِي حَمِيدٍ وَسَيَأْتِي فِي الأَطْعِمَةِ فِي الاِجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ، يُنْظَر: اتحاف الخيرة المهرة: كتاب الزكاة (٣/ ١٣٧).