للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (٣) وقوله: ثم حلقه ولو بنورة إن عم رأسه والتقصير مجز، هو لما ثبت في الكتاب والسنة؛ قال تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} (١). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ رُؤُوَسهُمْ" ثلاثًا. قالوا: يا رسول اللّه، والمقصرين؟. في كل مرة من المرات، فقال بعد الثالثة: "والمُقَصِّرِينَ". فقد أشار المختصر بقوله: والتقصير مجز، إلى أنه نسك غير أن الحلق أفضل منه. كما علمت.

وقوله: وهو سنة المرأة تأخذ قدر الأنملة، قال ابن قدامة في المغني: والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق، لا خلاف في ذلك. قال ابن المنذر: أجمع على هذا أهل العلم؛ وذلك أن الحلق في حقهن مُثْلَةٌ. وقد روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ لْحَلْقُ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ". رواه أبو داود. وعن عليٍّ قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تحلق المرأة رأسها. رواه الترمذي. وكان أحمد يقول: تقصر من كل قرن قدر الأُنملة. وهو قول ابن عمر، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور، انتهى محل الغرض منه.

(٤) وقوله: ثم يفيض وحل به ما بقي، يريد به - والله تعالى أعلم - أن الحاج إن رمى الجمرة ونحر وحلق، يفيض إلى مكة لطواف الإِفاضة، فإذا فرغ منه رجع إلى منى. وسمي هذا الطواف طواف الإِفاضة؛ لأنه يأتي به بعد إفاضته من منىً إلى مكة، وهو ركن من أركان الحج، لا يتم الحج إلا به، لا خلاف في ذلك. قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. (٢) قال ابن عبد البر: هو من فرائض الحج لا خلاف في ذلك. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَحابِسَتُنَا هِي"؟!. دليل على أنه لابد منه.

ووقت هذا الطواف المفضل يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق لفعله - صلى الله عليه وسلم - كما يبينه حديث جابر. قال: فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فإن أخر الإِفاضة إلى الليل فلا بأس، فإن أبا داود والترمذي أخرجا عن عائشة وابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخر طواف الزيارة إلى الليل. وقال الترمذي في كل واحد منهما: حديث حسن. واختلف في آخر وقت طواف الإِفاضة، قال ابن ندامة في المغني: والصحيح أن آخر وقته غير محدود، فإنه متى أتى به صح بغير خلاف، وإنما =


(١) سورة الفتح: ٢٧.
(٢) سورة الحج: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>