قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ". ثلاث مرات. ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شَنَقَ للقصواء الزِّمام، حتَّى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: "أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ". كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا. ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتَّى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة، فدعاهُ وكبَّرَهُ وهلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس - وكان رجلًا حسن الشعر أبيض وسيمًا - فلما دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر، حتى أتى بطن مُحَسِّر، فحرك قليلًا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات؛ يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر. ا. هـ. محل الغرض منه. وهكذا بتتبع ألفاظ هذا الحديث يتبين لك دقة متابعة ألفاظ المختصر له. فلله دره عليه رحمة الله.