للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتصور خوفك وَذُلُّكَ وضعفك وانهيار أعصابك وقواك متغيرًا لونك مرعوبًا مذعورًا مرتكضًا مزعجًا قَدْ حَلَّ بِكَ الْغَمِّ وَالْهَمَّ والاضطراب والقلق والذهول لما أصابك ورَأَيْت من الشدائد والكروب والمحزنات ما الله به عليم.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} ، فيا من يوم، قَالَ جَلَّ وَعَلا وتقدس: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً} والآية بعدها.

وتصور وقوفك بين يدي بديع السموات والأَرْض الَّذِي الأَرْض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويان بيمينه القوي العزيز وقلبك خائف مملؤء من الرعب محزون وجل وطرفك خائف خفي خاشع ذليل.

وجوارحك مرتعدة بيدك صحيفة فيها الدقيق والجليل لا تغادر صغيرة ولا كبيرة فقرأتها بلسان كليل وقلب منكسر وداخلك من الخجل والجبن والحياء من الله الَّذِي لم يزل أليك محسنًا وعَلَيْكَ سَاتِرًا.

فبأي لسان تجيبه حين يسألك عَنْ قبيح فعلك وعَظِيم جرمك وبأي قدم تقف غدًا بين يديه وبأي طرف تنظر إليه وبأي قلب تحتمل كلامه العَظِيم الجليل ومساءلته وتوبيخه.

وتصور نفسك بصغر جسمك بين يدي من السموات السبع والأَرْض كخردلة فِي كفة الكبير المتعال شديد المحال الَّذِي ما من دابة إلا هُوَ آخذ بناصيتها وقُلُوب العباد بين أصابعه لا إله الا هُوَ القوي العزيز.

وتصور نفسك بهذه الهيئة والأهوال محدقة بك من جوانبك ومن خلفك فكم من كبيرة قَدْ نسيتها أثبتها عَلَيْكَ الملك وَكَمْ من بلية أحدثتها فذكرتها وَكَمْ من سريرة قَدْ كنت كتمتها قَدْ ظهرت وبدت.

<<  <  ج: ص:  >  >>