للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمْ من عمل قَدْ كنت تظن أنه قَدْ خلص لَكَ وسلم فإذا هُوَ بالرياء قَدْ حبط بعد ما كَانَ أملك فيه عظيمًا فيا حَسْرَة قلبك وتأسفك على ما فرطت فِي طاعة ربك، قَالَ تَعَالَى: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} ، وقَالَ تَعَالَى {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} .

حتى إِذَا كرر عَلَيْكَ السؤال بذكر البلايا ونشرت مخبآتك التي طالما أخفيتها وسترتها عَنْ مخلوق مثلك لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرًا ولا نفعًا وقَدْ ظهرت قلة هيبتك وقلة حيائك منه وظهرت مبارزتك لَهُ بفعل ما نهاك عنه.

فما ظنك بسؤال من قَدْ امتلأ سمعك من عظمته وجلاله وكبريائه وسائر صفات كماله وكيف بك أن ذكرك مخالفتك لَهُ وركوبك معاصيه وقلة اهتمامك بنهيه ونظره إليك وقلة اكتراثك فِي الدُّنْيَا بطاعته.

وماذا تَقُول إن قَالَ: يَا عبدي أما استحيت مني أما راقبتني استخففت بنظري إليك ألم أحسن إليك ألم أنعم عَلَيْكَ ما غرك مني.

شبابك فيما ابليته وعمرك فيما أفنيته ومالك من أين اكتسبته وفيم أنفقته وعلمك ماذا عملت فيه.

وورد عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: «ليقفن أحدكم بين يدي الله تبارك وتَعَالَى لَيْسَ بينه وبينه حجاب يحجبه ولا بينه وبينه ترجمان يترجم عَنْهُ فَيَقُولُ ألم أنعم، ألم آتك مالاً فَيَقُولُ: بلى. فَيَقُولُ: ألم أرسل أليك رسولاً فَيَقُولُ: بلى. ثُمَّ ينظر عَنْ يمينه فلا يرى إلا النار ثُمَّ ينظر عَنْ شماله فلا يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فَإِنَّ لم يجد فبكلمة طيبة " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ.

فأعظم به موقفًا وأعظم به من سائل لا تخفى عَلَيْهِ خافية وأعظم بما يداخلك من الخجل والغم والحزن والأسف الشديد على ما فرطت فِي طاعته

<<  <  ج: ص:  >  >>