للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا لها من مواقف، ويا لها من أهوال ويا لها من خطوب مجرد تصورها يبكي المُؤْمِن بها حَقًّا.

عَنْ الحسن أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ رأسه فِي حجر عَائِشَة فنعس فتذكرت الآخِرَة فبكت فسالت دموعها على خد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فاستيقظ بدموعها فرفع رأسه فقَالَ: «ما يبكيك» ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ذكرت الآخِرَة هل تذكرون أهليكم يوم القيامة.

قَالَ: «والَّذِي نفسي بيده فِي ثلاثة مواطن فَإِنَّ أَحَد لا يذكر إلا نَفْسهُ: إِذَا وضعت الموازين ووزنت الأَعْمَال حَتَّى ينظر ابن آدم أيخف ميزانه أم يثقل وعَنْدَ الصحف حَتَّى ينظر أبيمينه أم بشماله وعَنْدَ الصراط» .

وعن أَنَس بن مالك قَالَ: يؤتى بابن آدم يوم القيامة حَتَّى يوقف بين كفتي الميزان ويوكل به ملك فَإِنَّ ثقل ميزانه نادى الملك بصوت يسمَعَ الخلائق سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدًا.

وإن خف ميزانه نادى بصوت فيسمَعَ الخلائق شقي فلان بن فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا.

وتصور بينما أَنْتَ واقف مَعَ الخلائق الَّذِينَ لا يعلم عددهم إلا الله جَلَّ وَعَلا وتقدس إذ نودي باسمك على رؤوس الخلائق من الأولين والآخرين أين فلان بن فلان هَلُمَّ إِلَى العرض على الله عَزَّ وَجَلَّ.

فقمت أَنْتَ لا يقوم غيرك لما لزم قلبك من العلم من أَنْتَ المطلوب فقمت ترتعد فرائضك وتضطرب رجلاك وَجَمِيع جوارحك وقلبك من شدة الخوف والذهول فِي أشد الخفقان مرتفعًا إِلَى الحنجرة.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>