قوله صلى الله عليه وسلم:"فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ": فيه دلالة على قاعدة شرعية هامة في التعامل مع المتشابهات، وهي: الابتعاد عنها حتى يتبين له حكمها، وأن ذلك من أسباب سلامة الدين، والبعد عن الفتن.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ": دليل على أن بعض الناس يعلم حكمها وبيانها، وأولى الناس بذلك هم الراسخون في العلم أهل الذكر، ففيه الإشارة إلى تطلب علمها منهم.
وهاتان الفائدتان ينبغي أن تكونا نصب عين كل مسلم، ليتعامل بهما مع كل ما يسمعه ويشاهده من بوادر الفتن، من الإشاعات والشبهات، التي قد يكون فيها شبه من الحق من جهة، وتفارقه من جهة، أو يكون فيها جانب مصلحة وجانب مفسدة، فيتوقف ولا يسارع في قبولها حتى يصل إليه حكمها من الراسخين في العلم والإِيمان. وإن كانت من جنس الإشاعات فإِنه لا يصدّق بها إلا إذا تبين له صدقها، ولا يحدّث بها إلا إذا تبين له أيضاً أن في الإخبار بها مصلحة راجحة.
القسم الثاني: الشبهات التي من نوع لبس الحق بالباطل.
وفارق هذا النوع عن الذي قبله أن تلك مشتبهة في طبيعتها، ويخفى بيانها على كثير من الناس، أما هذا النوع فالأمر غالباً لا يخفى، وبيانها واضح، لو تُرِك الناس وفطرتهم وسليقتهم اللغوية، لكن بفعل المجرمين الذين يلبسون الحق بالباطل، ويزخرفون القول، يلتبس أمرها على من قل