للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ودل الكلام على أن غير هؤلاء يعلمها، ومراده أنه يعلمها على ما هي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم، وهذا من أظهر الأدلة على أن المصيب عند اللَّه في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلف فيها واحد عند اللَّه عز وجل، وغيره ليس بعالم بها، بمعنى أنه غير مصيب لحكم اللَّه فيها في نفس الأمر، وإن كان يعتقد فيها اعتقاداً يستند فيه إلى شبهة يظنها دليلاً، ويكون مأجوراً على اجتهاده، ومغفوراً له خطؤه لعدم اعتماده"١.

وقد يكون الاشتباه في هذا النوع بسبب القياس الفاسد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه اللَّه -: "ومن هذا الباب الشبه التي يضل بها بعض الناس، وهي ما يشتبه فيها الحق والباطل، حتى تشتبه على بعض الناس، ومن أوتي العلم بالفصل بين هذا وهذا لم يشتبه عليه الحق بالباطل، والقياس الفاسد إنما هو من باب الشبهات، لأنه تشبيه للشيء في بعض الأمور بما لا يشبهه فيه.

فمن عرف الفصل بين الشيئين: اهتدى للفرق الذي يزول به الاشتباه والقياس الفاسد، وما من شيئين إلا ويجتمعان في شيء ويفترقان في شيء، فبينهما اشتباه من وجه وافتراق من وجه، فلهذا كان ضلال بني آدم من قبل التشابه، والقياس الفاسد"٢.


١ إيقاظ الهمم المنتقى من جامع العلوم والحكم، ص (١١٥) .
٢ مجموع الفتاوى، (٣/٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>