للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الغيبة به حلالًا ولا تسقط المظلمة بذلك لأنه عفو قبل الوجوب إلا أن [ذلك] وعد وهو بالخيار إن شاء عفا في الآخرة وإن شاء رجع وطالب بمظلمته في عرضه. ولهذا أجمع الفقهاء على أن من أباح قذفه لغيره فقذفه لا يسقط بذلك حقه من حد القذف ومظلمة الآخرة أشد من مظلمة الدنيا وعلى الجملة فالعفو فضيلة مندوب إليها. قال اللَّه تعالى مخاطبا لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} (١) فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يا جبريل ما هذا؟ قال له: أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.

وقال الحسن البصري -رضي اللَّه عنه- (٢) إذا جثت الأمم بين يدي اللَّه تعالى نودوا ليقم من كان [له] (٣) أجره على اللَّه تعالى فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. فهذا بيان وقع الاختيار له من شرح حقيقة الغيبة وتفاصيلها، فنسأل اللَّه تعالى أن يعصمنا منها ومن سائر المعاصي ويعيذنا من الزلل يوم يؤخذ بالنواصي، اهـ. قاله ابن خميس في كتابه ذم الغيبة.

٤٣٠١ - وعن أبي بكرة -رضي اللَّه عنه- قال: "بينا أنا أماشي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو آخذ بيدي، ورجل على يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير وبلى، فأيكم يأتيني بجريدة، فاستبقنا فسبقته، فأتيته بجريدة، فكسرها نصفين، فألقى على ذا القبر قطعة، وعلى ذا


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.
(٢) تفسير مجاهد (٢/ ص ٥٧)، حلية الأولياء (٩/ ص ٢٠) المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق ومعاليها (١٧٩).
(٣) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.