للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن سيرين (١) إني لم أحرمها عليه فأحللها له، إن اللَّه تعالى حرم عليه الغيبة، وما كنت لأحلل ما حرم اللَّه تعالى أبدا. فإن قال قائل فما المراد بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فليتحللها منه، وتحليل ما حرم اللَّه تعالى لا سبيل إليه؟ فيقال المراد به العفو عن المظلمة وإبراء الظالم عنها كما يسقط عنه سائر الحقوق لا أن الحرام ينقلب حلالًا، وما ذكره ابن سيرين إنما يستقيم على وفق ما قاله في التحليل قبل الغيبة فإنه لا يجوز له أن [يتحلل] الغيبة لغيره [ليغتاب] بل إذا وقعت منه الغيبة [فليتحللها] المغتاب على معنى أنه يعفو عنها.

فإن قال قائل: فما معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا أصبح [يقول] اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك أي تصدقت على من ذكرني بما يرجع إليّ عيبه. وفي حديث أبي الدرداء (٢) أقرض من عرضك ليوم فقرك أي من عابك وذمك فلا تجازه واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة. قاله في النهاية (٣). فكيف يتصور التصدق بالعرض [و] الذي تصدق به فهل [هو] يباح للغير تناوله وإن كانت صدقته لا تنفذ فما معنى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فيقال معناه أني لا أطلب مظلمة في القيامة [منه] (٤) ولا أخاصم أحدًا في حق يتعلق بعرضي وإلا فلا تصير


(١) تفسير القرطبي (١٦/ ٣٣٨). الأذكار (ص ٢٧٥)، إحياء علوم الدين (٣/ ١٥٤).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٣٤٥٩٦)، الآحاد والمثاني (٥/ ص ١٧٢)، حلية الأولياء (١/ ص ٢١٨).
(٣) النهاية (٣/ ٢٠٩).
(٤) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.