للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَما مَا يَصح أَن يعرف بِالشَّرْعِ وبالعقل فَهُوَ كل مَا كَانَ فِي الْعقل دَلِيل عَلَيْهِ وَلم تكن الْمعرفَة بِصِحَّة الشَّرْع مَوْقُوفَة على الْمعرفَة بِهِ كَالْعلمِ بِأَن الله وَاحِد لَا ثَانِي لَهُ فِي حكمته لِأَنَّهُ إِذا ثبتَتْ حكمته فَلَو كَانَ مَعَه حَكِيم آخر لم يجز أَن يرسلا أَو يُرْسل أحد مِنْهُمَا من يكذب فاذا أخبر الرَّسُول أَن الْإِلَه وَاحِد لَا قديم سواهُ علمنَا صدقه وَكَذَلِكَ وجوب رد الْوَدِيعَة وَالِانْتِفَاع بِمَا لَا مضرَّة فِيهِ على أحد

فَأَما مَا يعلم بِالشَّرْعِ وَحده فَهُوَ مَا فِي السّمع دَلِيل عَلَيْهِ دون الْعقل كالمصالح والمفاسد الشَّرْعِيَّة وَمَا لَهُ تعلق بهما أما الْمصَالح والمفاسد الشَّرْعِيَّة فَهِيَ كالأفعال الَّتِي تعبدنا بِفِعْلِهَا أَو تَركهَا بالشريعة نَحْو كَون الصَّلَاة وَاجِبَة وَشرب الْخمر حَرَامًا وَغير ذَلِك وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ فِي الْعقل دَلِيل على ذَلِك لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِي الْعقل دَلِيل على ذَلِك لَكَانَ ذَلِك الدَّلِيل إِمَّا حكما مُوجبا عَن وُجُوبهَا أَو وَجها مُوجبا لَهَا وَالْحكم الْمُوجب عَن وُجُوبهَا هُوَ الذَّم والمدح وَمَعْلُوم أَنا لَا نعلم بِالْعقلِ اسْتِحْقَاق من أخر الصَّوْم عَن أول يَوْم من رَمَضَان للذم دون الَّذِي قبله وَلَا نعلم بالعقول مباينة أول يَوْم من رَمَضَان لليوم الَّذِي قبله فِي وَجه يَقْتَضِي تباينهما فِي الْوُجُوب سَوَاء وقف ذَلِك على أَمارَة مظنونة أَو لم يقف على ذَلِك وَقد دخل فِي ذَلِك القَوْل بِأَن الْعِبَادَات يعرف وُجُوبهَا بأمارات من جِهَة الْعَادَات تتَعَلَّق بالمنافع والمضار لِأَن وجوب مَا هَذِه سَبيله مَعْلُوم وَإِن تعلق بِشَرْط مظنون وَمَعْلُوم أَيْضا أَنا لَا نعلم بالعقول فِي هَذِه الْعِبَادَات مَنَافِع وَدفع مضار عاجله فَيُقَال إِنَّهَا تجب لأجل ذَلِك وَأما مَا لَهُ تعلق بالمصالح والمفاسد الشَّرْعِيَّة فَهِيَ طرق الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة كالأدلة والأمارات وَأَسْبَاب هَذِه الْأَحْكَام وعللها وشروطها أما ألأدلة فكون الْإِجْمَاع حجَّة وَأما الأمارات فكون الْقيَاس وَخبر الْوَاحِد حجَّتَيْنِ على قَول من قَالَ لَا نعلم ذَلِك بِالْعقلِ وَأما الْأَسْبَاب فكون زَوَال الشَّمْس سَببا للصَّلَاة وَأما الْعِلَل فالكيل الَّذِي هُوَ عِلّة الرِّبَا وَأما الشُّرُوط فضربان أَحدهمَا شُرُوط فِي أَحْكَام مَعْلُومَة بِالْعقلِ كالشروط الَّتِي شرطتها الشَّرِيعَة فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>