وعن الثاني بأنا لا نسلم أيضا عدم التلازم بين عدم المؤاخذة والصحة، فالمكره مأمور بإتمام صومه وقضائه، ولو كان الأمر كذلك لم يفسد صوم المضطر بالشيء اليسير الذي يرتفع به عنه الاضطرار.
وأما الرواية التي فيها التصريح بسقوط القضاء، فمن أهل العلم من لم يطمئن إليها -وإن كان راويها ثقة -لمخالفتها للرواية المشهورة، وقد جزم ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق بأنها رواية بالمعنى، ونصه: والمشهور في هذا الحديث، هذا اللفظ المخرج في الصحيح، وهذا مروي بالمعنى والله تعالى أعلم.
وزعم بعض أهل العلم أن مالكا -رحمه الله تعالى -لم يبلغه هذا الحديث، كأنه يرى أنه صريح في الأمر لا يطرقه احتمال، ورده الكاندهلوي بأنه لو لم يبلغه لما فرق بين الفرض والتطوع، وما قاله غير بين، فإن الفرق بينهما في النسيان هو مقتضى اعتباره بالأعذار الأخرى، من المرض والحيض والنفاس والإكراه حيث لا يجب معها القضاء في النفل خاصة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله: ومن يكن أفطره لضر البيت، معناه أنه يجوز الفطر في رمضان لضرورة، من خوف حدوث مرض به، أو زيادته، أو تأخر البرء منه، قال اللخمي -رحمه الله تعالى -: صوم ذي المرض إن لم يشق واجب، وإن شق فقط خير، وإن خاف طوله أو حدوث آخر منع، فإن صام أجزأه، وقال ابن بشير: يحرم الصوم مع المرض إذا أدى إلى التلف أو الأذى الشديد، نقله في التاج.
وقال في المواهب: ويقبل قول الطبيب المأمون أنه يضر به، ويفطر الزمن إذا أضر به الصوم، وكذا كل صوم مضر يبيح الفطر.
وقال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -: ضعف بنية الصحيح وشيخوخته كالمرض، نقله في التاج.
وذهب بعض السلف -رحمهم الله تعالى -إلى أن مطلق المرض، ولو قل، يبيح الفطر.