وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الذِّمِّيِّ. فَقَدْ أَجَابَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ لَهُ السَّهْمَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِذَلِكَ. وَهُوَ تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ. وَإِنَّمَا يَقَعُ مِثْلُ هَذَا الْغَلَطِ مِنْ الْكَاتِبِ. وَالصَّحِيحُ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْمَعْنَى فَأَمَّا فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْجَوَابُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ. لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِكَسْبِهِ دُونَ مَوْلَاهُ، فَبِعِتْقِهِ لَا يَتَبَدَّلُ الْمُسْتَحَقُّ بَلْ يَكُونُ حَالُهُ كَحَالِ الذِّمِّيِّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا فِي الْبَابِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ. لِأَنَّ كَسْبَ الْمُكَاتَبِ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ حَقُّ الْمِلْكِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْقَلِبُ حَقِيقَةُ مِلْكِ الْمَوْلَى بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ فَيَثْبُتُ مَعْنَى تَبَدُّلِ الْمُسْتَحَقِّ بِعِتْقِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ؟ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ الرَّضْخُ فِيمَا كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ. وَأَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَهُ سَهْمُ الْفَارِسِ (ص ٢٩٨) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَرَسُ مِلْكًا لَهُ حَقِيقَةً حِينَ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، لِأَنَّ لَهُ مِلْكَ الْيَدِ فِي مَكَاسِبِهِ، فَلَا يَكُونُ فَرَسُهُ دُونَ الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ.
- وَلَوْ جُعِلَ رَاجِلًا بَعْدَ الْعِتْقِ أَدَّى إلَى أَنْ يَكُونَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ دُونَ اسْتِحْقَاقِهِ قَبْلَهُ. لِأَنَّ رَضْخَ الْفَارِسِ قَدْ يَزْدَادُ عَلَى سَهْمِ الرَّاجِلِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِتْقَ يَزِيدُهُ خَيْرًا لَا شَرًّا. فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَارِسِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
- وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِي الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ لِلْخِدْمَةِ مَعَ مَوْلَاهُ فَقَاتَلَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْقِيَاسِ.
لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ أَهْلًا لَهُ عِنْدَ إذْنِ الْمَوْلَى، فَيَكُونُ حَالُهُ كَحَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ إنْ قَاتَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ اسْتَحَقَّ الرَّضْخَ، وَإِلَّا فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute