للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٦٢٩ - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُرْضَخُ لَهُ.

لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَنْ الِاكْتِسَابِ، وَعَمَّا يَتَمَحَّصُ مَنْفَعَتُهُ، وَاسْتِحْقَاقُ الرَّضْخِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. فَيَكُونُ هُوَ كَالْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى دَلَالَةً. وَهُوَ نَظِيرُ الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِحْسَانُ فِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ:

- الْمُكَاتَبَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغْزُوَ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ كَالْقِنِّ.

لِأَنَّهُ فِي الْغَزْوِ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلْخَطَرِ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَاطِرَ بِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعَبْدِ، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ لِلتِّجَارَةِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ، فَيَلْتَحِقُ هُوَ بِالْحُرِّ. وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ فِي الْكِتَابَةِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ شَرْطَهُ لَغْوٌ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ.

- فَإِنْ قَاتَلَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَأَبْلَى بَلَاءً فَإِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ عَلَى قَدْرِ بَلَائِهِ، إنْ كَانَ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا.

لِأَنَّ فِعْلَهُ هَذَا كَانَ اكْتِسَابًا لِلْمَالِ، وَعِنْدَ الْكِتَابَةِ يُطْلَقُ ذَلِكَ لَهُ. فَإِذَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْعَبْدِ إذَا قَاتَلَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ.

- وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مَعَ مَوْلَاهُ فَأَعْتَقَهُ وَوَهَبَ لَهُ فَرَسًا، ثُمَّ لَحِقَ بِالْجُنْدِ، فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حَالُهُ حِينَ لَحِقَ بِهِمْ. فَإِنْ كَانَ فَارِسًا فَلَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِلًا فَلَهُ سَهْمُ الرَّجَّالَةِ فِيمَا يُصِيبُونَ بَعْدَ مَا يَلْحَقُ بِهِمْ، وَلَا شَرِكَةَ لَهُ فِيمَا أَصَابُوا قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ مَعَهُمْ.

<<  <   >  >>