الْفَرَسَ، فَغَنِمُوا غَنَائِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَرْضَخُ لِمَوْلَاهُ، مِمَّا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ الْعَبْدُ، وَلَا يَبْلُغُ بِذَلِكَ الرَّضْخِ سَهْمَ فَارِسٍ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُزَادَ عَلَى سَهْمِ الرَّاجِلِ. لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي حُكْمِ الرَّضْخِ كَالذِّمِّيِّ، وَلَا يَبْلُغُ بِرَضْخِ الذِّمِّيِّ إذَا كَانَ فَارِسًا سَهْمَ فَارِسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ مُقَاتِلٌ إلَّا وَفِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ. فَكَذَلِكَ حَالُ الْعَبْدِ. إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ الرَّضْخُ، لَا يَتَغَيَّرُ بِعِتْقِهِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْمُسْتَحَقُّ لِلذِّمِّيِّ يَتَغَيَّرُ حِينَ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. لِأَنَّ بِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ لَا يَتَبَدَّلُ الْمُسْتَحَقُّ، فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلسَّهْمِ وَالرَّضْخِ جَمِيعًا، فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ إسْلَامُهُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّبَبِ. وَبِعِتْقِ الْعَبْدِ يَتَبَدَّلُ الْمُسْتَحَقُّ، لِأَنَّ الرَّضْخَ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ مُسْتَحِقًّا بِالْعَبْدِ، كَمَا يَكُونُ السَّهْمُ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِالْفَرَسِ. وَبَعْدَ الْعِتْقِ الِاسْتِحْقَاقُ لِلْعَبْدِ. فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْعِتْقُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّبَبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ اسْتِحْقَاقَ الْمَوْلَى أَصْلًا. وَلِهَذَا الْمَعْنَى قُلْنَا يَبْقَى حُكْمُ الرَّضْخِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ عِتْقِهِ، وَفِيمَا يُصَابُ بَعْدَ الْعِتْقِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ سَهْمُ الْفُرْسَانِ، لِأَنَّهُ كَانَ فَارِسًا عِنْدَ انْعِقَادِ أَصْلِ السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَ الْفَرَسُ لِغَيْرِهِ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ فَارِسًا عَلَى فَرَسٍ عَارِيَّةٍ، أَوْ هُوَ بَعْدَ الْعِتْقِ حِينَ وَهَبَ لَهُ الْمَوْلَى الْفَرَسَ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ الْتَحَقَ بِالْعَسْكَرِ فَارِسًا مِنْ أَسِيرٍ أَوْ تَاجِرٍ فَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ.
- قَالَ: وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ وَالْمُكَاتَبُ يَدْخُلَانِ فَارِسَيْنِ. ثُمَّ يُصِيبُ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ، ثُمَّ يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ وَيُسْلِمُ الذِّمِّيُّ، ثُمَّ يُصِيبُونَ غَنَائِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُمَا فِي الْغَنِيمَةِ الْأُولَى رَضْخَ فَارِسَيْنِ، وَيُعْطَيَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ سَهْمَيْ فَارِسَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute