للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن حزم: فصحّ أنّ البكاء الذي يعذب به الإنسان /ما كان منه باللسان، إذ

[يندبونه] (١) برياسته التي جار فيها، وشجاعته التي صرفها في غير طاعة الله، وجوده الذي لم يضعه في الحق، فأهله يبكون عليه بهذه المفاخر، وهو يعذب بذلك (٢).

[١٤٦ أ/س]

وقال الإسماعيلي: كثر كلام العلماء في هذه المسألة، وقال كل فيه مجتهدًا على ما (٣) حسب ما قدر له، ومن أحسن ما حضرني وجه لم أرهم ذكروه، وهو: أنّهم كانوا في الجاهلية يغيرون ويسبون ويقتلون، وكان أحدهم إذا مات بَكَتْهُ بواكيه بتلك الأفعال المحرمة، فمعنى الحديث: أن الميت يعذب بذلك الذي يبكي عليه أهله به؛ لأنّ الميت يندب بأحسن أفعاله وكانت محاسن أفعالهم ما ذكر، وهي زيادة ذنب في ذنوبه يستحق العذاب عليها انتهى. (٤)، فليتأمل.

ومنهم من قال: معنى التعذيب توبيخ الملائكة له بما يندبه أهله به، كما روى أحمد من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -، مرفوعًا: "الميت يعذب ببكاء الحي، إذا قالت النائحة: واعضداه، وا ناصراه، وا كاسباه، جبذ الميت وقيل له: آنت عضدها؟ آنت ناصرها؟ آنت كاسبها؟ (٥) "، ورواه ابن ماجه بلفظ "يتعتع به يقال: أنت كذلك؟ "


(١) في محلى [يعذبونه].
(٢) المحلى (٣/ ٣٧٤).
(٣) سقط [ما] في ب.
(٤) فتح الباري (٣/ ١٥٥).
(٥) مسند الإمام أحمد، حديث أبي موسى الأشعري (٣٢/ ٤٨٨) (١٩٧١٦) من طريق: زهير، عن أسيد بن أبي أسيد، عن موسى بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه. وأخرجه الحاكم (٢/ ٥١١) (٣٧٥٥) من طريق أبي عامر العقدي، به. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي، وأخرجه الترمذي في سننه، باب ما جاء في كراهية البكاء على الميت (٣/ ٣١٧) (١٠٠٣) وقال: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الميت يعذب بما نيح عليه (١/ ٥٠٨) (١٥٩٤) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.