للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورواه الترمذي بلفظ: " ما من ميّت يموت فيقوم ناديته، فتقول: وا جبلاه، وا سنداه، أو شبه ذلك-من القول- إلا وُكِّلَ به ملكان يلهزانه: أهكذا كنت؟ " (١)، وشاهده: ما روى المصنف في المغازي، من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: أغمى على عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -، فجعلت أخته تبكي وتقول: واجبلاه، واكذا، واكذا، فقال حين أفاق: " ما قلت شيئًا إلا قيل لي: أنت كذلك؟ " (٢).

ومنهم من قال: معنى تعذيب الميت: أنّه يتألّم ويرقّ بما يقع من أهله من النياحة وغيرها، كما نتألّم ونرق ببكاء الأطفال، قال القرافي: وهو الأولى، انتهى (٣).

وهذا اختيار أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (٤) من المتقدمين، ورجّحه ابن المرابط، والقاضي عياض، ومن تبعه (٥)، ونصره ابن تيمية وجماعة من المتأخرين (٦)، واستشهدوا له بحديث قيلة بنت مخرمة إذ فيه: قلت: " يا رسول الله قد ولدته فقاتل معك يوم الزبدة، ثم أصابته الحمى فمات، وترك على البكاء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أيغلب أحدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفًا، فإذا مات استرجع فوالذي نفس محمد بيده: إنّ أحدكم يبكي فيستعبر (٧)، إليه صويحبه فيا عباد: الله لا


(١) سنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في كراهية البكاء على الميت (٣/ ٣١٧) (١٠٠٣) من طريق محمد بن عمار، به، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة من أرض الشأم (٥/ ١٤٤)، (٤٢٦٧).
(٣) الفروق = أنوار البروق في أنواء الفروق، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: ٦٨٤ هـ)، عالم الكتب (٢/ ١٧٨).
(٤) تهذيب الآثار مسند عمر - رضي الله عنه - (٢/ ٥١٠).
(٥) إكمال المعلم (٣/ ٣٧٢)، والتوضيح (٩/ ٥٢٧).
(٦) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: ٧٢٨ هـ)، المحقق: مجموعة من المحققين، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، الطبعة: الأولى، ١٤٢٦ هـ (٨/ ٥١٨).
(٧) *قوله: "يستعبر" أي: يطلب نزول العبرات على بابه أو ينزل عبراته على غير بابه.