للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمعنى: أن الذي أراد الله أن يأخذه هو الذي كان أعطاه، فإنْ أخذه أخذ ما هو له، فلا ينبغي الجزع؛ لأن مستودع الأمانة لا ينبغي له أن يجزع إذا استعيدت منه، وقدّم الأخذ على الإعطاء وإن كان متأخرًا في الواقع؛ لأن المقام يقتضيه (١).

(وَكُلٌّ) أي: وكل من الأخذ والإعطاء، أو أهو أعمّ منهما، (عِنْدَهُ) أي: في علمه تعالى فهو من مجاز الملازمة مقَدّر (بِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي: معلوم، والأجل: يطلق على الحد الأخير، وعلى مجموع العمر أيضًا والحاصل: أنّ له الخلق كله، وبيده الأمر كله، وكلّ شيء عنده مقدّر بأجل مسمى، فإنّه لما خلق اللوح والقلم أمر القلم أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، لا معقب لحكمه.

(فَلْتَصْبِرْ) أمر للمؤنث الغائبة (وَلْتَحْتَسِبْ) أي: تنوى بصبرها طلب الثواب من ربها ليحسب لها ذلك من عملها الصالح.

[١٣٨ أ/س]

(فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ) - صلى الله عليه وسلم -، (تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا) جملة وقعت حالًا من فاعل أرسلت ووقع في حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: "أنها راجعته مرتين"، وأنّه إنما قام في ثالث مرة وكأنها ألحت عليه /في ذلك دفعًا لما يظنه بعض الجهلة أنها ناقصة المكانة عنده، أو ألهمها الله تعالى أن حضور نبيه عندها يدفع عنها ما هي فيه من الألم ببركة دعائه وحضوره - صلى الله عليه وسلم -، فحقق الله ظنها وترك الإجابة أولًا؛ لأنه كان في شغل ذلك الوقت، أو كان امتنع من الإجابة مبالغة في إظهار التسليم لربه، أو كان لبيان الجواز في أنّ من دعي لمثل ذلك لم يجب عليه الإجابة، بخلاف الوليمة مثلًا، وأما إجابته - صلى الله عليه وسلم -، بعدما ألحت عليه، فلما ذكر من دفع ما يظنه بعض الجهلة، أو أنّه لما رآها عزمت عليه بالقسم حن عليها فأجابه (٢).

(فَقَامَ) - صلى الله عليه وسلم -، (وَمَعَهُ) بإثبات الواو، وفي رواية: " معه" بحذفها (٣)، (سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ) بضم العين المهملة: الخزرجي، كان سيدًا جوادًا ذا رياسة، غيورًا، مات بالشام، ويقال: إنه قتله الجن.


(١) فتح الباري (٣/ ١٥٣).
(٢) عمدة القاري (٨/ ٧٣).
(٣) إرشاد الساري (٢/ ٤٠٢).