قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
إِذَا كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدِهِ، إِنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا، صَحَّتِ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهَا اسْتَغْرَقَتِ الرَّقِيقَ مِنْهُ، فَإِنْ كَاتَبَ جَمِيعَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، بَطَلَتْ فِي الْحُرِّ مِنْهُ. وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُعْتَقَدُ الرِّقُّ فِي جَمِيعِهِ، فَبَانَ بَعْضُهُ حُرًّا.
فَإِنْ قُلْنَا: تَفْسُدُ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْمُسَمَّى؛ لِتَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ، فَإِذَا عَتَقَ اسْتَرَدَّ مِنَ السَّيِّدِ مَا أَدَّى، وَلِلسَّيِّدِ قِسْطُ الْقَدْرِ الَّذِي كَاتَبَهُ مِنَ الْقِيمَةِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى، أَمْ قِسْطَ الرَّقِيقِ مِنَ الْقِيمَةِ؟ قَوْلَانِ، كَالْبَيْعِ إِذَا أَجَازَهُ فِي الْمَمْلُوكِ.
أَمَّا إِذَا كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدٍ، وَبَاقِيهِ [رَقِيقٌ] ، فَلِلرَّقِيقِ حَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ أَيْضًا، فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
فَإِنْ صَحَّحْنَا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ، وَكَسَبَ النُّجُومَ فِي نَوْبَتِهِ، فَأَدَّاهَا عَتَقَ الْقَدْرُ الَّذِي كَاتَبَهُ وَسَرَى إِلَى الْبَاقِي.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ، فَكَسْبُهُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَسَبَ مَا يَفِي بِقِسْطِ السَّيِّدِ وَالنُّجُومِ، عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكْسِبْ إِلَّا قَدْرَ النُّجُومِ، فَفِي الْعِتْقِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُ نَظِيرَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْهَا، فَهِيَ كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَهَا السَّيِّدُ، عَتَقَ وَالسِّرَايَةُ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى، وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِسْطِ الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ مِنَ الْقِيمَةِ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِسْطِ مَا سَرَى الْعِتْقُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute