إِطْلَاقُ الْجَوَابِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلِ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ حِنْطَةٌ غَرِمَ الْمِثْلَ. وَإِنْ صَارَ إِلَى حَالَةِ التَّقْوِيمِ ثُمَّ تَلِفَ فَالْقِيمَةُ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: كَمَنْ غَصَبَ سِمْسِمًا فَاتَّخَذَ مِنْهُ شَيْرَجًا ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْغَزَّالِيُّ: يُغَرِّمُهُ الْمَالِكُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ غَرِمَ مِثْلَهُ، وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا.
الْحَالُ الرَّابِعُ: يَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ.
فَرْعٌ
إِذَا لَزِمَهُ الْمِثْلُ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ إِنْ وَجَدَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ إِلَّا بِزِيَادَةٍ فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: يَلْزَمُهُ الْمِثْلُ، لِأَنَّ الْمِثْلَ كَالْعَيْنِ، وَيَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ وَإِنْ لَزِمَ فِي مُؤْنَتِهِ أَضْعَافُ قِيمَتِهِ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ آخَرِينَ، مِنْهُمُ الْغَزَالِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ، لِأَنَّ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ كَالْمَعْدُومِ كَالرَّقَبَةِ، وَمَاءِ الطَّهَارَةِ، وَيُخَالِفُ الْعَيْنَ، فَإِنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا دُونَ الْمِثْلِ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ أَيْضًا الشَّاشِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
غَصَبَ مُتَقَوَّمًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ، لَزِمَهُ أَقْصَى قِيمَتِهِ مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إِلَى تَلَفِهِ، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي تَلِفَ فِيهِ، فَلَوْ كَانَتْ مِائَةً فَصَارَتْ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ عَادَتْ بِالرُّخْصِ إِلَى خَمْسِينَ، ثُمَّ تَلِفَ، لَزِمَهُ مِائَتَانِ. وَلَوْ تَكَرَّرَ ارْتِفَاعُ السِّعْرِ وَانْخِفَاضُهُ لَمْ يَضْمَنْ كُلَّ زِيَادَةٍ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ، وَلَا أَثَرَ لِارْتِفَاعِ السِّعْرِ بَعْدَ التَّلَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute