للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (لا يأكل من مال اليتيم قرضا وغيره) وهذا قول أبي حنيفة. وروى بشر عن أبي يوسف أنه قال: (لا يأكل من مال اليتيم إذا كان مقيما، فإن خرج في تقاض دين لليتيم أو إلى ضياع له، فله أن ينفق ويكتسي ويركب، فإذا رجع ردّ الثّياب والدّابّة إلى اليتيم).وعنه لأبي يوسف رواية أخرى:

(أنّ قوله {(فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)} يجوز أن يكون منسوخا بقوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ} (١)).

فحاصل هذه الروايات؛ أنّ الأصحّ على مذهب أبي حنيفة وأصحابه: أنه ليس للوصيّ أن يأكل من مال اليتيم قرضا ولا غيره؛ إلاّ أن يضطرّ إلى شيء منه فيأخذه بالضرورة، ثم يردّ إذا وجد. وعن ابن عبّاس قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إنّ في حجري يتيما فأضربه، قال: [ما كنت ضاربا منه ولدك] (٢).

قوله تعالى: {فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ؛} إذا دفعتم إليهم أموالهم بعد بلوغهم وإيناس الرّشد، {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ؛} وثيقة لكم، {وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً} (٦)؛أي شهيدا ومجازيا لها إلاّ أن الإشهاد فيما بين الناس من أحكام الدّنيا لضروب من المصلحة، وانتصب {(حَسِيباً)} على القطع، وكفى بالله الحسيب حسيبا.

قوله تعالى: {لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} (٧)؛ وذلك أنّ العرب كانت لا تورث إلاّ من طاعن بالرّماح وذاد عن المال وحاز الغنيمة، فأعلم الله تعالى أنّ حقّ الميراث للرّجال والنّساء. قال ابن عبّاس: (توفّي أوس بن


(١) النساء ٢٩/.
(٢) أخرجه الطبري عن الحسن مرسلا في جامع البيان: النص (٦٨٨٤).والطبراني في المعجم الصغير: الحديث (٢٤٤) عن جابر بن عبد الله. وابن حبان في الصحيح: كتاب الرضاع: باب النفقة: الحديث (٤٢٤٤)،وإسناده حسن إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>